الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها﴾ هَذِه امْرَأَة كَانَت تسمى ريطة بنت سعد، وَكَانَت بهَا وَسْوَسَة؛ فَكَانَت تجْلِس بِجَانِب الْحجر، وتغزل طول نَهَارهَا بمغزل كَبِير، فَإِذا كَانَ الْعشي نقضته. وَقيل: كَانَت تَأمر جواريها بنقضه، فَشبه الله من نقض الْعَهْد بهَا، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهَا لم تكف عَن الْعَمَل، وَلَا حِين عملت كفت عَن النَّقْض، فَكَذَلِك أَنْتُم لَا كففتم عَن الْعَهْد، وَلَا حِين عهدتم وفيتم. وَقَوله: ﴿من بعد قُوَّة﴾ أَي: بعد إحكام. وَقَوله: ﴿أنكاثا﴾ أَي: إنقاضا وقطعا. وَقَوله: ﴿تَتَّخِذُونَ أَيْمَانكُم دخلا بَيْنكُم﴾ أَي: غشا وخديعة. والدخل: مَا تدخل فِي الشَّيْء للْفَسَاد، وَيُقَال: إِن (الدغل) هُوَ أَن يظْهر الْوَفَاء، ويبطن النَّقْض، وَكَذَلِكَ الدخل. وَقَوله: ﴿أَن تكون أمة هِيَ أربى﴾ أَي: أَكثر، وَأما مَعْنَاهُ: فروى عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: كَانُوا يعاهدون مَعَ قوم، فَإِذا رَأَوْا أَقْوَامًا أعز مِنْهُم وَأكْثر، نقضوا عهد الْأَوَّلين، وعاهدوا مَعَ الآخرين؛ فعلى هَذَا قَوْله: ﴿أَن تكون أمة هِيَ أربى من أمة﴾ يَعْنِي: طلبتم الْعِزّ بِنَقْض الْعَهْد بِأَن كَانَت أمة أَكثر من أمة. وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهِي نزلت فِي قوم عَاهَدُوا مَعَ النَّبِي ثمَّ نقضوا الْعَهْد مَعَه، وعاهدوا مَعَ قوم من الْكفَّار، فظنوا أَن قوتهم أَكثر، لِأَن عَددهمْ أَكثر، وَيُقَال: إِن الْآيَة نزلت فِي الْمُؤمنِينَ، نَهَاهُم الله تَعَالَى عَن نقض الْعَهْد؛ فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِذا عاهدتم مَعَ قوم لمخافة، فَإِذا أمنتم فَلَا تنقضوا، ليَكُون جانبكم أقوى وَأكْثر. وَقَوله: ﴿إِنَّمَا يبلوكم الله بِهِ﴾ يَعْنِي: بِالْكَثْرَةِ والقلة، وَقيل: يبلوكم الله بِهِ يَعْنِي: بِالْأَمر بِالْوَفَاءِ بالعهد. وَقَوله: ﴿وليبين لكم يَوْم الْقِيَامَة مَا كُنْتُم فِيهِ تختلفون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب