الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قبل وعَاء أَخِيه ثمَّ استخرجها من وعَاء أَخِيه﴾ رُوِيَ أَن الْمُؤَذّن فتش عَن أوعيتهم، وَرُوِيَ أَنه رد جَمَاعَتهمْ إِلَى يُوسُف - عَلَيْهِ السَّلَام - فَأمر بتفتيش أوعيتهم بَين يَدَيْهِ. وَفِي الْقِصَّة: أَن ذَلِك الرجل كَانَ كلما فتش وعَاء وَلم يجد الصَّاع اسْتغْفر الله وَأظْهر التَّوْبَة فَلَمَّا بَقِي رَحل بنيامين قَالَ: مَا أَظن أَن هَذَا أَخذ شَيْئا قَالُوا: وَالله لَا نَتْرُكك حَتَّى تفتش وعاءه فتطيب أَنْفُسنَا ونفسك، ففتش وعاءه واستخرج الصَّاع فبقوا منكسرين مستحيين ونكسوا رُءُوسهم خجلا وَقَالُوا لبنيامين: مَا هَذَا يَا ابْن راحيل؟ ﴿فَقَالَ: وَالله مَا سرقت، فَقَالُوا: كَيفَ وَقد وجد الصَّاع فِي رحلك؟﴾ فَقَالَ: وضع الصَّاع فِي رحلي من وضع البضاعة فِي رحالكُمْ. قَالَ: وَأخذُوا بنيامين رَقِيقا عبدا. وَفِي الْقِصَّة: أَن ذَلِك الرجل أَخذ بِرَقَبَتِهِ ورده إِلَى يُوسُف كَمَا يرد السراق. وَقَوله: ﴿كَذَلِك كدنا ليوسف﴾ مَعْنَاهُ: دبرنا ليوسف، وَقيل: صنعنَا ليوسف. وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أردنَا ليوسف؛ وَأنْشد قَول الشَّاعِر (كَادَت وكدت وَذَاكَ خير إِرَادَة ... لَو عَاد من لَهو الصبابة مَا مضى) فَإِن قيل: مَا معنى قَوْله: ﴿كَذَلِك﴾ وأيش هَذِه الْكَاف، وَالْكَاف للتشبيه؟ الْجَواب عَنهُ: أَن هَذَا منصرف إِلَى قَول يَعْقُوب فِي أول السُّورَة: ﴿فيكيدوا لَك كيدا﴾ وَكَانَ كيدهم: أَنهم أَخَذُوهُ من أَبِيه بحيلة وألقوه فِي الْجب فَقَالَ الله تَعَالَى: كَمَا كَادُوا فِي أَمر يُوسُف: ﴿كدنا ليوسف﴾ فِي أَمرهم؛ والكيد من الْخلق هُوَ: الْحِيلَة، وَمن الله: التَّدْبِير بِالْحَقِّ. وَقَوله: ﴿مَا كَانَ ليَأْخُذ أَخَاهُ فِي دين الْملك﴾ مَعْنَاهُ: مَا كَانَ يُوسُف ليجازي أَخَاهُ فِي حكم الْملك، وَقيل: فِي عَادَة الْملك. قَالَ الشَّاعِر: (أَقُول وَقد درأت لَهَا وضيني ... أَهَذا دينه أبدا وديني) و" مَا " هَاهُنَا للنَّفْي. وَقَوله: ﴿إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ مَعْنَاهُ: إِلَّا بِمَشِيئَة الله يَعْنِي: فعل مَا فعل بِمَشِيئَة الله تَعَالَى. وَقَوله: ﴿نرفع دَرَجَات من نشَاء﴾ قَالَ هَذَا فِي هَذَا الْموضع؛ لِأَنَّهُ رفع دَرَجَة يُوسُف على درجتهم فِي الْعلم وَالْملك وَالْعقل وَغَيره. وَقيل: نرفع دَرَجَات من نشَاء بالتوفيق والعصمة. وَقَوله: ﴿وَفَوق كل ذِي علم عليم﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: وَفَوق كل عَالم عَالم إِلَى أَن يَنْتَهِي الْعلم إِلَى الله. وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: وَفَوق كل عَالم عليم ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب