الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَدخل مَعَه السجْن فتيَان﴾ فِي الْقِصَّة: أَن الْمَرْأَة قَالَت لزَوجهَا: قد فضحني هَذَا الْغُلَام العبراني (فِي النَّاس) ، فإمَّا أَن تَأذن [لي] أخرج وأعتذر من النَّاس، وَإِمَّا أَن تحبسه، فحبسه، وَلما حبس حبس الْملك بعد ذَلِك رجلَيْنِ من خاصته؛ أَحدهمَا: صَاحب طَعَامه، وَالْآخر: صَاحب شرابه، وَيُقَال: كَانَ يُسمى أَحدهمَا: سرهم، وَالْآخر: شرهم. وَكَانَ سَبَب حبسهما: أَن الْملك اتهمَ صَاحب الطَّعَام [أَنه] : قصد سمه، وَظن أَيْضا أَن صَاحب الشَّرَاب مالأه على ذَلِك؛ وَكَانَ الْملك هُوَ الْوَلِيد بن مَرْوَان العمليقي، وَقيل غير هَذَا الِاسْم. وَقَوله: ﴿قَالَ أَحدهمَا إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا﴾ وَرُوِيَ أَن يُوسُف - عَلَيْهِ السَّلَام - لما دخل السجْن جعل يَدْعُو إِلَى الله وينشر علمه، فَرَأى هذَيْن الرجلَيْن وهما مهمومان فَسَأَلَهُمَا عَن شَأْنهمَا فذكرا أَنَّهُمَا صاحبا الْملك، وَأَن الْملك حبسهما، وَقد رَأيا رُؤْيا وَقد غمهما ذَلِك، فَقَالَ لَهما: قصا عَليّ مَا رَأَيْتُمَا، فقصا عَلَيْهِ رؤياهما؛ وَهَذَا معنى قَوْله: ﴿قَالَ أَحدهمَا إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا﴾ . وَفِي الْقِصَّة: أَنه قَالَ: رَأَيْت حبلة عَلَيْهَا ثَلَاثَة عناقيد فجنيتهن وعصرتهن خمرًا وسقيت مِنْهُ الْملك. وَقَوله: ﴿أعصر خمرًا﴾ الْعَصْر: هُوَ الِاعْتِمَاد بِالْيَدِ على مَا فِيهِ مائية ليحلب عَنهُ المَاء. وَقَوله ﴿خمرًا﴾ : قيل: عنبا، قيل: هَذَا بلغَة عمان، قَالَ الْمُعْتَمِر: لقِيت أَعْرَابِيًا مَعَه سلة فِيهَا [عِنَب] فَقلت: مَا مَعَك؟ قَالَ: الْخمر. وَقَالَ الشَّاعِر: (يُنَازعنِي بِهِ ندمان صدق (شواء) الطير وَالْعِنَب الحقينا) وَأَرَادَ بالعنب: الْخمر. وَيُقَال: معنى قَوْله: ﴿أعصر خمرًا﴾ أَي: عِنَب خمر. وَيُقَال: معنى قَوْله: ﴿أعصر خمرًا﴾ أَي: عنبا؛ سَمَّاهُ خمرًا باسم مَا يؤول إِلَيْهِ؛ تَقول الْعَرَب: فلَان يعصر الدبس ويطبخ الْآجر يَعْنِي: يعصر الْعِنَب للدبس، ويطبخ اللَّبن للآجر، قَالَ الشَّاعِر: (الْحَمد لله الْجَلِيل المنان ... صَار الثَّرِيد فِي رُءُوس العيدان) وَقَوله: ﴿وَقَالَ الآخر إِنِّي أَرَانِي أحمل فَوق رَأْسِي خبْزًا تَأْكُل الطير مِنْهُ﴾ رُوِيَ أَن الآخر قَالَ: إِنِّي أَرَانِي كَأَنِّي أحمل ثَلَاث سلال من الْخبز على رَأْسِي وسباع الطير ينهش مِنْهُ. وَقَوله: ﴿نبئنا بتأويله إِنَّا نرَاك من الْمُحْسِنِينَ﴾ قَالَ: كَانَ يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام إِذا مرض فِي السجْن مَرِيض عَاده وَقَامَ عَلَيْهِ، وَإِذا افْتقر إِنْسَان جمع لَهُ شَيْئا، وَإِذا رأى مَظْلُوما نَصره، وَإِذا رأى حَزينًا سلاه، وَكَانَ مَعَ هَذَا يقوم اللَّيْل كُله بِالصَّلَاةِ. وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿إِنَّا نرَاك من الْمُحْسِنِينَ﴾ يَعْنِي: من الْمُحْسِنِينَ لعبارة الرُّؤْيَا، وَالْإِحْسَان بِمَعْنى الْعلم؛ يُقَال: فلَان يحسن كَذَا، أَي: يُعلمهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب