الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا﴾ [الْآيَة] ، الْهم: هُوَ المقاربة من الْفِعْل من غير دُخُول فِيهِ. وَقَوله: ﴿وَلَقَد هَمت بِهِ﴾ همها: هُوَ عزمها على الْمعْصِيَة وَالزِّنَا، وَأما هم يُوسُف: فَاعْلَم أَنه قد ثَبت عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وهم بهَا﴾ قَالَ: جلس مِنْهَا مجْلِس الخاتن وَحل هِمْيَانه. رَوَاهُ ابْن أبي مليكَة، وَعَطَاء وَغَيرهمَا. وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: حل سراويله وَجعل يعالج ثِيَابه. وَهَذَا قَول أَكثر الْمُتَقَدِّمين؛ مِنْهُم: سعيد بن جُبَير، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَالضَّحَّاك وَغَيرهم.
[و] قَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام: وَقد أنكر قوم هَذَا القَوْل؛ وَالْقَوْل مَا قَالَه متقدمو هَذِه الْأمة وهم كَانُوا أعلم بِاللَّه أَن يَقُولُوا فِي الْأَنْبِيَاء من غير علم. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي، وَزعم بعض الْمُتَأَخِّرين أَن الْهم (كَانَ مِنْهَا) : هُوَ الْعَزِيمَة على الْمعْصِيَة، وَأما الْهم مِنْهُ: كَانَ خاطر الْقلب وَشدَّة الْمحبَّة بالشهوة.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الْمَرْأَة قَالَت لَهُ: مَا أحسن عَيْنَيْك، فَقَالَ: هِيَ أول مَا تسيل من وَجْهي فِي قَبْرِي، فَقَالَت: مَا أحسن شعرك، فَقَالَ: هُوَ أول مَا ينشر فِي قَبْرِي، فَقَالَت إِن فرَاش الْحَرِير مَبْسُوط فَقُمْ فَاقْض حَاجَتي، فَقَالَ: إِذا يذهب نَصِيبي من الْجنَّة، فَقَالَت: إِن الجنينة عطشة فَقُمْ فاسقها، فَقَالَ: إِن الْمِفْتَاح بيد غَيْرِي، قَالَ: فجَاء الشَّيْطَان وَدخل بَينهمَا وَأخذ يحنكه وحنكها حَتَّى هَمت بِهِ وهم بهَا، ثمَّ إِن الله تَعَالَى تدارك عَبده وَنبيه بالبرهان الَّذِي ذكره. وَقَالَ قطرب: معنى قَوْله: ﴿وهم بهَا﴾ أَي: وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه.
وَأنكر سَائِر النُّحَاة عَلَيْهِ هَذَا القَوْل، وَقَالُوا إِن الْعَرَب لَا تُؤخر لَوْلَا عَن الْفِعْل، وَإِنَّمَا كَلَام الْعَرَب هُوَ التَّقْدِيم فَحسب، فَإِنَّهُم يَقُولُونَ: لَوْلَا كَذَا لفَعَلت كَذَا، وَلَا يَقُولُونَ، فعلت كَذَا لَوْلَا كَذَا. وَقَالَ بَعضهم: " وهم بهَا " أَي: بضربها وَدفعهَا عَن نَفسه، وَهُوَ تَأْوِيل بعيد. وَقَالَ بعض أهل التَّفْسِير: يحْتَمل أَن ذَلِك الْقدر الَّذِي فعله يُوسُف من الْهم كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَة من الصَّغَائِر يجوز على الْأَنْبِيَاء. قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِن الله تَعَالَى لم يذكر ذنُوب الْأَنْبِيَاء فِي الْقُرْآن ليعيرهم بهَا؛ وَلَكِن ذكرهَا ليبين موقع النِّعْمَة عَلَيْهِم بِالْعَفو، وَلِئَلَّا ييأس أحد من رَحمته وَقيل: إِنَّه ابْتَلَاهُم بِالذنُوبِ ليتفرد بِالطَّهَارَةِ والعزة، ويلقاه جَمِيع الْخلق يَوْم الْقِيَامَة على انكسار الْمعْصِيَة. وَقَوله: ﴿لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه﴾ أَكثر أهل التَّفْسِير: أَنه رأى يَعْقُوب صلوَات الله عَلَيْهِ [صَكه] فِي صَدره وَهُوَ يَقُول لَهُ: أتعمل عمل السُّفَهَاء وَأَنت فِي ديوَان الْأَنْبِيَاء؟ !
وروى لَيْث، عَن ابْن عَبَّاس أَنه قعد مِنْهَا مقْعد الرجل من امْرَأَته فَرَأى كفا بِلَا معصم وَلَا عضد مَكْتُوب عَلَيْهَا:: ﴿وَإِن عَلَيْكُم لحافظين كراما كاتبين﴾ فَفَزعَ وهرب، ثمَّ إِنَّه عَاد، فَظهر ذَلِك الْكَفّ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا: ﴿وَلَا تقربُوا الزِّنَا إِنَّه كَانَ فَاحِشَة وساء سَبِيلا﴾ فَفَزعَ وهرب، ثمَّ إِنَّه عَاد فَرَأى ذَلِك الْكَفّ أَيْضا مَكْتُوبًا عَلَيْهَا: ﴿وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله﴾ فَفَزعَ وهرب، ثمَّ إِنَّه عَاد؛ فَقَالَ الله لجبريل: أدْرك عَبدِي قبل أَن يواقع الْخَطِيئَة، فجَاء ومسحه بجناحه حَتَّى خرجت شَهْوَته من أنامله.
وَقَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق: معنى الْبُرْهَان: أَنه كَانَ فِي الْبَيْت صنم فَقَامَتْ الْمَرْأَة وسترته بِثَوْب، فَقَالَ لَهَا يُوسُف: لم فعلت هَذَا؟ فَقَالَت: استحييت مِنْهُ أَن يراني وَأَنا أواقع الْمعْصِيَة، فَقَالَ يُوسُف: أَنا أَحَق أَن أستحي من رَبِّي، وهرب.
وَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: الْبُرْهَان: هُوَ أَن الله تَعَالَى أخطر بقلب يُوسُف حُرْمَة الزِّنَا، وَشدَّة الْعقُوبَة عَلَيْهِ، فهرب وَترك. وَأورد النقاش أَنه لما قرب مِنْهَا رأى شَعْرَة بَيْضَاء فِي أنفها فعافها وَتركهَا. وَهَذَا قَول بعيد؛ وَالأَصَح من هَذِه الْأَقْوَال: الأول.
وَقد رُوِيَ أَن يَعْقُوب صلوَات الله عَلَيْهِ لما تمثل لَهُ صك فِي صَدره وَقَالَ: يَا يُوسُف أَنْت قبل أَن تَزني كالطير فِي جو السَّمَاء [وَلَا تطاق] ، فَإِذا زَنَيْت فَأَنت كالطير يسْقط وَيَمُوت، وَأَنت قبل أَن تَزني كالثور لَا يُطَاق، فَإِذا زَنَيْت صرت كالثور يهْلك فَيدْخل النَّمْل فِي (أصُول) قرنه.
وَقَوله: ﴿كَذَلِك لنصرف عَنهُ السوء والفحشاء﴾ السوء: هُوَ الثَّنَاء الْقَبِيح، والفحشاء: هُوَ مواقعة الزِّنَا. فَإِن قيل: هَذَا دَلِيل على أَنه لم يهم بِالزِّنَا وَلم يَقْصِدهُ، قُلْنَا: لَا، هَذَا بعد الْهم. فَإِن قيل: أَلَيْسَ قد قَالَ فِي أثْنَاء السُّورَة: ﴿ذَلِك ليعلم أَنِّي لم أخنه بِالْغَيْبِ﴾ ؟ قُلْنَا: قد ثَبت عَن النَّبِي: " أَن يُوسُف لما قَالَ هَذَا، قَالَ لَهُ جِبْرِيل: وَلَا حِين هَمَمْت؟ فَقَالَ: وَمَا أبرئ نَفسِي إِن النَّفس لأمارة بالسوء ".
قَوْله: ﴿إِنَّه من عبادنَا المخلصين﴾ قرئَ: " المخلَصين " و " المخلِصين " وَمعنى المخلِص: هُوَ الَّذِي يخلص الطَّاعَة لله، وَمعنى المخلَص: هُوَ الَّذِي أخلصه الله وَاخْتَارَهُ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦۖ وَهَمَّ بِهَا لَوۡلَاۤ أَن رَّءَا بُرۡهَـٰنَ رَبِّهِۦۚ كَذَ ٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلۡفَحۡشَاۤءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق