الباحث القرآني
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
تَفْسِير سُورَة الْفِيل
وَهِي مَكِّيَّة
قَوْله تَعَالَى: ﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل﴾ الْفِيل دَابَّة مَعْلُومَة، وَمعنى قَوْله: ﴿ألم تَرَ﴾ أَي: ألم تعلم؟ وَقيل: ألم تَرَ آثَار مَا فعل رَبك بأصحاب الْفِيل. وَأَصْحَاب الْفِيل هم جند من الْحَبَشَة أَمِيرهمْ أَبْرَهَة بن الصَّباح أَبُو يكسوم وَقيل: غَيره.
غزوا الْكَعْبَة، وقصدوا تخريبها وهدمها، وَأَصَح مَا حكى فِي سَببه أَن أَبْرَهَة كَانَ نَصْرَانِيّا بني بيعَة بِصَنْعَاء الْيمن، وزينها بالفاخر من الثِّيَاب والجواهر، وَقَالَ: بنيت هَذَا، يحجه الْعَرَب وأكفهم عَن حج الْكَعْبَة، وَأمر النَّاس بذلك وأجبرهم عَلَيْهِ، فجَاء رجل من الْعَرَب - وَقيل: إِنَّه كَانَ من بني كنَانَة - وَدخل الْبيعَة، وأحدث فِيهَا وهرب، فَذكر ذَلِك لأبرهة فَغَضب غَضبا شَدِيدا وَحلف بالنصرانية والمسيح ليغزون الْكَعْبَة، وليهدمنها حجرا حجرا، ثمَّ إِنَّه غزا الْكَعْبَة مَعَ جَيش عَظِيم.
وَفِيه قصَّة طَوِيلَة، وسَاق مَعَ نَفسه فيلا يُقَال لَهُ: مَحْمُود، وَقيل: كَانَت ثَمَانِيَة من الفيلة أكبرها هَذَا الْفِيل، وَلَقي فِي الطَّرِيق جندا من الْعَرَب وَهَزَمَهُمْ، وَقتل مِنْهُم حَتَّى أَتَى الطَّائِف، ثمَّ إِنَّه توجه من الطَّائِف إِلَى مَكَّة، وَدَلِيله أَبُو رِغَال، فَمَاتَ أَبُو رِغَال فِي الطَّرِيق فقبره هُوَ الْقَبْر الَّذِي تَرْجمهُ الْعَرَب، وَهُوَ بَين مَكَّة والطائف، وَنزل أَبْرَهَة والجند بالمغمس، وَسمع أهل مَكَّة بذلك، وسيدهم يَوْمئِذٍ عبد الْمطلب بن هَاشم، وأغار الْجند على مَا وجدوا من أَمْوَال أهل مَكَّة وإبلهم، وَأخذُوا مِائَتي بعير لعبد الْمطلب ثمَّ إِنَّه جَاءَ عبد الْمطلب، إِلَى أَبْرَهَة فِي طلب بعيره - وَكَانَ رجلا جسيما وسيما - فَلَمَّا رَآهُ أَبْرَهَة أعجبه حسنه وجماله فَقَالَ: مَا حَاجَتك؟ فَقَالَ: أَن ترد على إبلي.
فَقَالَ لِترْجُمَانِهِ: قل لَهُ: أعجبني مَا رَأَيْت من هيئتك، ثمَّ رغبت عَنْك حِين سَمِعت كلامك، فَقَالَ عبد الْمطلب: وَمَا الَّذِي رغب الْملك عني؟ فَقَالَ: جِئْت لأهدم شرفك وَشرف آبَائِك، فَتركت ذكره وَسَأَلتنِي إبِلا أخذت لَك! فَقَالَ لَهُ عبد الْمطلب: أَنا رب الْإِبِل، وَإِن للبيت رَبًّا يمنعهُ، فَأمر برد الْإِبِل عَلَيْهِ، فَعَاد عبد الْمطلب، وَأمر أهل مَكَّة حَتَّى تَنْصَرِف فِي رُءُوس الْجبَال، وَقَالَ: قد جَاءَكُم مَالا قبل لكم بِهِ.
ثمَّ أَخذ عبد الْمطلب بِحَلقَة الْكَعْبَة وَقَالَ:
(يَا رب: لَا أَرْجُو لَهُم سواكا ... يَا رب، فامنع مِنْهُم حماكا)
(إِن عَدو الْبَيْت من عاداك ... )
وَمن الْمَعْرُوف أَيْضا أَنه قَالَ:
(يَا رب إِن الْمَرْء يمْنَع ... حلّه فامنع حلالك)
(لَا يغلبن صليبهم ... ومحالهم أبدا محالك)
والمحال: الْعقُوبَة.
(إِن كنت تاركهم وكعبتنا ... فامر مَا بدالك)
ثمَّ خرج مَعَ الْقَوْم وخلوا مَكَّة، فروى أَن الْفِيل كَانَ إِذا أحس التَّوَجُّه قبل مَكَّة امْتنع، فَإِذا وَجه نَحْو الْيمن أسْرع وهرول، وَحبس الله الْفِيل عَن الْبَيْت، وَهُوَ معنى مَا ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة حِين بَركت نَاقَته - وَهِي الْقَصْوَاء - وَقَالَ النَّاس: خلأت الْقَصْوَاء فَقَالَ النَّبِي: " لَا، لَكِن حَبسهَا حَابِس الْفِيل " ثمَّ إِن الله تَعَالَى بعث عَلَيْهِم طيرا خرجت من قبل الْبَحْر، قَالَ ابْن عَبَّاس: لَهَا خراطيم الطير وأنف الْكلاب، وَقيل: كَانَت سَوْدَاء، وَقيل: حَمْرَاء، وَمَعَ كل طير ثَلَاثَة أَحْجَار: حجران فِي كفيه، وَحجر فِي منقاره، وَفِي الْقِصَّة: أَن الْحجر كَانَ دون الحمص وَفَوق العدس، فَجَاءَت الطير ورمتهم بالأحجار، وَفِي الْقِصَّة: أَن الْحجر كَانَ يُصِيب رَأس الْإِنْسَان، فَيخرج من دبره، فَيسْقط وَيَمُوت، وَكَانَ إِذا وَقع على جَانب مِنْهُ خرج من الْجَانِب الآخر، وهرب الْقَوْم وتساقطوا فِي الطَّرِيق.
وَقيل: إِن الْحجر إِذا أصَاب الْوَاحِد مِنْهُم نفط مَوْضِعه وأصابه الجدري، فَهُوَ أول مَا رئى الجدري فِي ديار الْعَرَب، وَالله أعلم.
وَأما أَبْرَهَة فتساقط فِي الطَّرِيق أُنْمُلَة أُنْمُلَة، ثمَّ إِنَّه انصدع صَدره عَن قلبه وَمَات.
وعام الْفِيل هُوَ الْعَام الَّذِي ولد فِيهِ النَّبِي، وَقد قيل: إِنَّه ولد بعد ذَلِك بِسنتَيْنِ، وَالصَّحِيح هُوَ الأول، وَقَالَ أهل الْعلم: كَانَ ذَلِك إرهاصا لنبوة النَّبِي وتأسيسا بهَا.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَـٰبِ ٱلۡفِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق