﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾ وهذا يقال يوم القيامة للكفار حين يطلبون الرجوع إلى الدنيا فيقال: قد ذهب وقت الرجوع.
وقيل: إن المراد بذلك ما أصاب كفار قريش حين امتنعوا من الإيمان واستكبروا على الحق فدعا عليهم النبي ﷺ فقال: ﴿اللهم أعني عليهم بسنين كسني يوسف﴾ فأرسل الله عليهم الجوع العظيم حتى أكلوا الميتات والعظام وصاروا يرون الذي بين السماء والأرض كهيئة الدخان وليس به، وذلك من شدة الجوع.
فيكون -على هذا- قوله: ﴿يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ﴾ أن ذلك بالنسبة إلى أبصارهم وما يشاهدون وليس بدخان حقيقة.
ولم يزالوا بهذه الحالة حتى استرحموا رسول الله ﷺ وسألوه أن يدعو الله لهم أن يكشفه الله عنهم فدعا ربه فكشفه الله عنهم، وعلى هذا فيكون قوله: ﴿إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ﴾ إخبار بأن الله سيصرفه عنكم وتوعد لهم أن يعودوا إلى الاستكبار والتكذيب وإخبار بوقوعه فوقع وأن الله سيعاقبهم بالبطشة الكبرى، قالوا: وهي وقعة بدر وفي هذا القول نظر ظاهر.
وقيل: إن المراد بذلك أن ذلك من أشراط الساعة وأنه يكون في آخر الزمان دخان يأخذ بأنفاس الناس ويصيب المؤمنين منهم كهيئة الدخان، والقول هو الأول، وفي الآية احتمال أن المراد بقوله: ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ﴾ أن هذا كله يكون يوم القيامة.
{"ayah":"أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكۡرَىٰ وَقَدۡ جَاۤءَهُمۡ رَسُولࣱ مُّبِینࣱ"}