الباحث القرآني

سُورَةُ "الْعَلَقِ" وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِ أَبِي مُوسَى وَعَائِشَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَهِيَ تِسْعَ عشرة آية. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) هَذِهِ السُّورَةُ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، فِي قَوْلِ مُعْظَمِ الْمُفَسِّرِينَ. نَزَلَ بِهَا جِبْرِيلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى حِرَاءَ، فَعَلَّمَهُ خَمْسَ آيَاتٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ أول ما نزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [الْمُدَّثِّرُ: ١]، قَالَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ [[راجع ج ١٩ ص ٥٨ من الطبعة الاولى وج ١٩ ص ٥٩ من الطبعة الثانية.]]. وَقِيلَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ أَوَّلُ مَا نَزَلَ، قَالَهُ أَبُو مَيْسَرَةَ الْهَمْدَانِيُّ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَوَّلُ مَا نزل من القرآن قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ [[آية ١٥١ سورة الانعام.]] [الانعام: ١٥١] وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. قَالَتْ عَائِشَةُ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ [[كذا في الأصول ومسلم. وفي البخاري: (الصالحة).]]، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءَ، يَتَحَنَّثُ [[يتحنث: أي يتعبد. يقال: فلان يتحنث أي يفعل فعلا يخرج به من الإثم والحرج.]] فِيهِ اللَّيَالِي ذَوَاتَ الْعَدَدِ، [قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ [[زيادة عن الصحيحين.]]] وَيَتَزَوَّدَ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى فجأه الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءَ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ: [اقْرَأْ [: فَقَالَ: (مَا أَنَا بِقَارِئٍ- قَالَ- فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي [[الغط: العصر الشديد والكبس.]]، حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي) فَقَالَ: [اقْرَأْ [فَقُلْتُ: "مَا أَنَا بِقَارِئٍ". فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: [اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [الحديث بكاملة. وَقَالَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ: وَكَانَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ يَطُوفُ عَلَيْنَا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ: مَسْجِدِ الْبَصْرَةِ، فَيُقْعِدُنَا حِلَقًا، فَيُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ ثَوْبَيْنِ لَهُ أَبْيَضَيْنِ، وَعَنْهُ أَخَذْتُ هَذِهِ السُّورَةَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. وَكَانَتْ أَوَّلُ سُورَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثم بَعْدَهَا ن وَالْقَلَمِ، ثُمَّ بَعْدَهَا يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ثُمَّ بَعْدَهَا وَالضُّحى ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَعَنِ الزُّهْرِيِّ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ سُورَةُ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ- إِلَى قَوْلِهِ- مَا لَمْ يَعْلَمْ، فَحَزِنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَجَعَلَ يَعْلُو شَوَاهِقَ الْجِبَالِ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ: [إِنَّكَ نَبِيُّ اللَّهِ [فَرَجَعَ إِلَى خَدِيجَةَ وَقَالَ: [دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا [فَنَزَلَ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر: ١]. وَمَعْنَى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أَيِ اقْرَأْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ مُفْتَتِحًا بِاسْمِ رَبِّكَ، وَهُوَ أَنْ تَذْكُرَ التَّسْمِيَةَ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ سُورَةٍ. فَمَحَلُّ الْبَاءِ مِنْ بِاسْمِ رَبِّكَ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ. وَقِيلَ: الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى، أَيِ اقْرَأْ عَلَى اسْمِ رَبِّكَ. يُقَالُ: فَعَلَ كَذَا بِاسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى اسْمِ اللَّهِ. وَعَلَى هَذَا فَالْمَقْرُوءُ مَحْذُوفٌ، أَيِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ، وَافْتَتِحْهُ بِاسْمِ اللَّهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: اسْمُ رَبِّكَ هُوَ الْقُرْآنُ، فَهُوَ يَقُولُ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أَيِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [المؤمنون: ٢٠]، وكما قال: سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ [[هذا عجز بيت للراعي وصدره: هن الحرائر لا ربات أحمرة]] أَرَادَ: لَا يَقْرَأْنَ السُّوَرَ. وَقِيلَ: مَعْنَى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أَيِ اذْكُرِ اسْمَهُ. أَمَرَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقِرَاءَةَ باسم الله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب