الباحث القرآني

فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَكُّ رَقَبَةٍ فَكُّهَا: خَلَاصُهَا مِنَ الْأَسْرِ. وَقِيلَ: مِنَ الرِّقِّ. وَفِي الْحَدِيثِ: [وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا [. مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وقد تقدم في سورة" براءة [[راجع ج ٨ ص ١٨٣.]]. وَالْفَكُّ: هُوَ حَلُّ الْقَيْدِ، وَالرِّقُّ قَيْدٌ. وَسُمِّيَ الْمَرْقُوقُ رَقَبَةً، لِأَنَّهُ بِالرِّقِّ كَالْأَسِيرِ الْمَرْبُوطِ فِي رقبته. وسمي عنقها فَكًّا كَفَكِّ الْأَسِيرِ مِنَ الْأَسْرِ. قَالَ حَسَّانُ: كَمْ مِنْ أَسِيرٍ فَكَكْنَاهُ بِلَا ثَمَنٍ ... وَجَزِّ نَاصِيَةٍ كُنَّا مَوَالِيَهَا وَرَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: [مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنَ النَّارِ [قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَحْتَمِلُ ثَانِيًا أَنَّهُ أَرَادَ فَكَّ رَقَبَتِهِ وَخَلَاصَ نَفْسِهِ، بِاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، وَفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَلَا يَمْتَنِعُ الْخَبَرُ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: رَقَبَةٍ قَالَ أَصْبَغُ: الرَّقَبَةُ الْكَافِرَةُ ذَاتُ الثَّمَنِ أَفْضَلُ فِي الْعِتْقِ مِنَ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ الْقَلِيلَةِ الثَّمَنِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَدْ سُئِلَ أَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: [أَغْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا [. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: والمراد في هذا الحديث: من الْمُسْلِمِينَ (، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: [مَنْ أَعْتَقَ امرأ مسلما] و [من أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً]. وَمَا ذَكَرَهُ أَصْبَغُ وَهْلَةٌ [[كذا في الأصول وابن العربي، ولعلها المرة من الوهل، وهو الغلط. وهل إلى الشيء (بالفتح) يهل (بالكسر) وهلا (بالسكون): إذا ذهب وهمه إليه. ويجوز أن يكون بمعنى غلطة أو سهوة.]]، وَإِنَّمَا نَظَرَ إِلَى تَنْقِيصِ الْمَالِ، وَالنَّظَرُ إِلَى تَجْرِيدِ الْمُعْتَقِ لِلْعِبَادَةِ، وَتَفْرِيغِهِ لِلتَّوْحِيدِ، أَوْلَى. الثَّالِثَةُ- الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ. وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ. وَالْآيَةُ أَدَلُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، لِتَقْدِيمِ الْعِتْقِ عَلَى الصَّدَقَةِ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ عِنْدَهُ فَضْلُ نَفَقَةٍ: أَيَضَعُهُ فِي ذِي قَرَابَةٍ أَوْ يُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: الرَّقَبَةُ أَفْضَلُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: [مَنْ فَكَّ رَقَبَةً فَكَّ اللَّهُ بكل عضو منها عضوا من النار]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب