الباحث القرآني

سُورَةُ "الْبَلَدِ" مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ. وَهِيَ عِشْرُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لَا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَا زَائِدَةً، كَمَا تَقَدَّمَ فِي لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ [[راجع ج ١٩ ص (٩٠)]] [الْقِيَامَةِ: ١]، قَالَهُ الْأَخْفَشُ أَيْ أُقْسِمُ، لِأَنَّهُ قَالَ: بِهذَا الْبَلَدِ وَقَدْ أَقْسَمَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ [التين: ٣] فَكَيْفَ يُجْحَدُ الْقَسَمُ بِهِ وَقَدْ أَقْسَمَ بِهِ. قَالَ الشَّاعِرُ: تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ ... وَكَادَ صَمِيمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ أَيْ يَتَقَطَّعُ، وَدَخَلَ حَرْفُ لَا صِلَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ [[آية ١٢ سورة الأعراف راجع ج ٧ ص (١٧٠)]] [الأعراف: ١٢] بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي [ص]: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ [[آية ٧٥.]]. [ص: ٧٥]. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ كَثِيرٍ لَأُقْسِمُ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ اللَّامِ إِثْبَاتًا. وَأَجَازَ الْأَخْفَشُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى (أَلَا). وَقِيلَ: لَيْسَتْ بِنَفْيِ الْقَسَمِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الْعَرَبِ: لَا وَاللَّهِ لَا فَعَلْتُ كَذَا، وَلَا وَاللَّهِ مَا كان كَذَا، وَلَا وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا. وَقِيلَ: هِيَ نَفْيٌ صَحِيحٌ، وَالْمَعْنَى: لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ، بَعْدَ خُرُوجِكَ مِنْهُ. حَكَاهُ مَكِّيٌّ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا رَدٌّ عَلَيْهِمْ. وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ، لِأَنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهَا رَدٌّ، فَهُوَ قَوْلٌ لَيْسَ لَهُ رَدٌّ، لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى، وَيَتَمَكَّنُ اللَّفْظُ وَالْمُرَادُ. فَهُوَ رَدٌّ لِكَلَامِ مَنْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ ثُمَّ ابْتَدَأَ الْقَسَمَ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: قَوْلُهُ لَا رَدٌّ لِمَا تَوَهَّمَ الْإِنْسَانُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، الْمَغْرُورُ بِالدُّنْيَا أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَحْسَبُهُ، مِنْ أَنَّهُ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، ثُمَّ ابتدأ القسم. والْبَلَدِ: هِيَ مَكَّةُ، أَجْمَعُوا عَلَيْهِ أَيْ أُقْسِمُ بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، لِكَرَامَتِكَ عَلَيَّ وَحُبِّي لَكَ. وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ أَيْ نَحْلِفُ لَكَ بِهَذَا الْبَلَدِ الَّذِي شَرَّفْتَهُ بِمَكَانِكَ فِيهِ حَيًّا، وَبَرَكَتِكَ مَيِّتًا، يَعْنِي الْمَدِينَةَ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّ السُّورَةَ نزلت بمكة باتفاق.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب