فِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ أَيْ قُلُوبُهُمْ مُتَّحِدَةٌ فِي التَّوَادِّ وَالتَّحَابِّ وَالتَّعَاطُفِ. وَقَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ "بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ" لِأَنَّ قُلُوبَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ وَلَكِنْ يُضَمُّ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ فِي الْحُكْمِ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ أَيْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْحِيدِهِ، وَكُلِّ مَا أَتْبَعَ ذَلِكَ.
(وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَكُلِّ مَا أَتْبَعَ ذَلِكَ. وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَا ذَكَرَ [اللَّهُ] [[من ج وك وهـ.]] فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَهُوَ النَّهْيُ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالشَّيَاطِينِ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي سورة المائدة [[راجع ج ٦ ص ٢٤٢ وما بعدها.]] وآل عِمْرَانَ [[راجع ج ٤ ص ٤٧.]] وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ "الْبَقَرَةِ" الْقَوْلُ فِيهِ [[راجع ج ١ ص ١٦٤.]]. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَبِحَسَبِ هَذَا تَكُونُ الزَّكَاةُ هُنَا الْمَفْرُوضَةَ. ابْنُ عَطِيَّةَ: وَالْمَدْحُ عِنْدِي بِالنَّوَافِلِ أَبْلَغُ، إِذْ مَنْ يُقِيمُ النَّوَافِلَ أَحْرَى بِإِقَامَةِ الْفَرَائِضِ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيُطِيعُونَ اللَّهَ﴾ فِي الْفَرَائِضِ (وَرَسُولَهُ) فِيمَا سَنَّ لَهُمْ. وَالسِّينُ فِي قَوْلِهِ: "سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ" مُدْخِلَةٌ فِي الْوَعْدِ مُهْلَةً لِتَكُونَ النُّفُوسُ تَتَنَعَّمُ بِرَجَائِهِ، وفضله تعالى زعيم بالانجاز.
{"ayah":"وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَیُطِیعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ سَیَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ"}