الباحث القرآني

فيه مسألة واحدة- وهو أَنَّهُ سُبْحَانَهُ عَرَّفَهُمْ كَيْفِيَّةَ الْجِهَادِ وَأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنَ الْعَدُوِّ وَلِهَذَا بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْعَرَبِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَصَدَ الرُّومَ وَكَانُوا بِالشَّامِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، فَهِيَ مِنَ التَّدْرِيجِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَقْتَ نُزُولِهَا الْعَرَبُ، فَلَمَّا فرغ منهم نزلت في الروم وغير هم: ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾[[راجع ص ١٠٩ من هذا الجزء.]] [التوبة: ٢٩]. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الدَّيْلَمُ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ بِمَنْ يُبْدَأُ بِالرُّومِ أَوْ بِالدَّيْلَمِ؟ فَقَالَ بِالرُّومِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ قِتَالُ الدَّيْلَمِ وَالتُّرْكِ وَالرُّومِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الْآيَةُ عَلَى الْعُمُومِ فِي قِتَالِ الْأَقْرَبِ فالأقرب، والأدنى فالأدنى. قُلْتُ: قَوْلُ قَتَادَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنْ يُبْدَأَ بِالرُّومِ قَبْلَ الدَّيْلَمِ، عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا- أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرُ وَآكَدُ. الثَّانِي- أَنَّهُمْ إِلَيْنَا أَقْرَبُ أَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ. الثَّالِثُ- أَنَّ بِلَادَ الْأَنْبِيَاءِ فِي بِلَادِهِمْ أَكْثَرُ فَاسْتِنْقَاذُهَا مِنْهُمْ أَوْجَبُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) أَيْ شِدَّةً وَقُوَّةً وَحَمِيَّةً. وَرَوَى الْفَضْلُ عَنِ الْأَعْمَشِ وَعَاصِمٍ "غَلْظَةً" بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَلُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ "غلظة" بضم الغين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب