الباحث القرآني
رَوَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي غزوة غزا ها حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ إِلَّا بَدْرًا وَلَمْ يُعَاتِبِ النَّبِيُّ ﷺ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْ بَدْرٍ إِنَّمَا خَرَجَ يُرِيدُ الْعِيرَ فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ مُغْوِثِينَ لِعِيرِهِمْ فَالْتَقَوْا عَنْ غَيْرِ موعد [[في ج وع وهـ: على غير وعد. وفي ك وى: من غير وعد.]] كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَعَمْرِي إِنَّ أَشْرَفَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي النَّاسِ لَبَدْرٌ وَمَا أُحِبُّ [[في ع: يا ليتني كنت شهدتها وكان إلخ.]] أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُهَا مَكَانَ بَيْعَتِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ حَتَّى كَانَتْ غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزا ها وَآذَنَ النَّبِيُّ ﷺ بِالرَّحِيلِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ يَسْتَنِيرُ كَاسْتِنَارَةِ الْقَمَرِ وَكَانَ إِذَا سُرَّ بِالْأَمْرِ اسْتَنَارَ فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: (أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ) فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَمِنْ عند الله أم من عند ك؟ قَالَ: (بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ- ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ- "لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ"- حَتَّى بَلَغَ- "إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" قَالَ: وَفِينَا أُنْزِلَتْ أَيْضًا ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: ١١٩] وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي بِكَمَالِهِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ التَّوْبَةِ الَّتِي تَابَهَا اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى أَقْوَالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتِ التَّوْبَةُ عَلَى النَّبِيِّ لِأَجْلِ إِذْنِهِ لِلْمُنَافِقِينَ فِي الْقُعُودِ دَلِيلُهُ قَوْلُهُ: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٤٣] وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مَيْلِ قُلُوبِ بَعْضِهِمْ إِلَى التخلف عنه. وقيل: توبة الله عليهم استنقاذ هم مِنْ شِدَّةِ الْعُسْرَةِ. وَقِيلَ: خَلَاصُهُمْ مِنْ نِكَايَةِ الْعَدُوِّ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالتَّوْبَةِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ عُرْفِهَا لِوُجُودِ مَعْنَى التَّوْبَةِ فِيهِ وَهُوَ الرُّجُوعُ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى. وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّمَا ذُكِرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي التَّوْبَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبَ تَوْبَتِهِمْ ذُكِرَ مَعَهُمْ كَقَوْلِهِ: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾[[راجع ص ١٥٤ وص ١ من هذا الجزء.]] [الأنفال: ٤١].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ أَيْ فِي وَقْتِ الْعُسْرَةِ، وَالْمُرَادُ جَمِيعُ أَوْقَاتِ تِلْكَ الْغَزَاةِ وَلَمْ يُرِدْ سَاعَةً بِعَيْنِهَا. وَقِيلَ: سَاعَةُ الْعُسْرَةِ أَشَدُّ السَّاعَاتِ الَّتِي مَرَّتْ بِهِمْ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ. وَالْعُسْرَةُ صُعُوبَةُ الْأَمْرِ. قَالَ جَابِرٌ: اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ عُسْرَةُ الظَّهْرِ وَعُسْرَةُ الزَّادِ وَعُسْرَةُ الْمَاءِ. قَالَ الْحَسَنُ: كَانَتِ الْعُسْرَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى بَعِيرٍ يَعْتَقِبُونَهُ بَيْنَهُمْ وَكَانَ زَادَهُمُ التَّمْرُ الْمُتَسَوِّسُ وَالشَّعِيرُ الْمُتَغَيِّرُ وَالْإِهَالَةُ [[الإهالة: الشحم.]] الْمُنْتِنَةُ وَكَانَ النَّفَرُ يُخْرِجُونَ مَا مَعَهُمْ- إِلَّا التَّمَرَاتِ- بَيْنَهُمْ فَإِذَا بَلَغَ الْجُوعُ مِنْ أَحَدِهِمْ أَخَذَ التَّمْرَةَ فَلَاكَهَا حَتَّى يَجِدَ طَعْمَهَا ثُمَّ يُعْطِيهَا صَاحِبُهُ حَتَّى يَشْرَبَ عَلَيْهَا جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ كَذَلِكَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ فَلَا يَبْقَى مِنَ التَّمْرَةِ إِلَّا النَّوَاةُ فَمَضَوْا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى صِدْقِهِمْ وَيَقِينِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ سَاعَةِ الْعُسْرَةِ: خَرَجْنَا فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ شَدِيدٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ مِنَ الْعَطَشِ، وَحَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ [[الفرث: السرجين (الزبل) ما دام في الكرش.]] فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ لَنَا. قَالَ: (أَتُحِبُّ ذَلِكَ)؟ قَالَ: نَعَمْ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى أَظَلَّتِ السَّمَاءُ ثُمَّ سَكَبَتْ فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ قَالَا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا [[الناضح: البعير يستقى عليه ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء.]] فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا. [فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (افْعَلُوا) [فَجَاءَ عُمَرُ وَقَالَ [[زيادة عن صحيح مسلم.]]: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلُوا قَلَّ الظَّهْرُ وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أزواد هم فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ [الْبَرَكَةَ [[من هـ.]]]. قَالَ: (نَعَمْ) ثُمَّ دَعَا بِنِطَعٍ [[النطع: بساد من الأديم.]] فَبُسِطَ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ الْأَزْوَادِ فجعل الرجل يجئ بِكَفِّ ذُرَةٍ وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكِسْرَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذلك شي يَسِيرٌ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَحَزَرْتُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْرُ رَبْضَةِ الْعَنْزِ [[ربضة العنز (بضم الراء وتكسر): جثتها إذا بركت.]] فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْبَرَكَةِ. ثُمَّ قَالَ: (خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ) فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى- وَالَّذِي لا إله إلا هوما بقي في العسكر وعاء إلا ملئوه، وَأَكَلَ الْقَوْمُ حَتَّى شَبِعُوا وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِمَا فَيُحْجَبُ عَنِ الْجَنَّةِ). خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ فِي صحيحه بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سُمِّيَ جَيْشُ تَبُوكَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَدَبَ النَّاسَ إِلَى الْغَزْوِ فِي حَمَارَةِ الْقَيْظِ، فَغَلُظَ عَلَيْهِمْ وَعَسُرَ، وَكَانَ إِبَّانَ ابْتِيَاعِ الثَّمَرَةِ. قَالَ: وَإِنَّمَا ضُرِبَ الْمَثَلُ بِجَيْشِ الْعُسْرَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَغْزُ قَبْلَهُ فِي عَدَدٍ مِثْلِهِ لِأَنَّ أَصْحَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ وَيَوْمَ أُحُدٍ سَبْعَمِائَةٍ وَيَوْمَ خَيْبَرَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَيَوْمَ الْفَتْحِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَكَانَ جَيْشُهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَزِيَادَةً، وَهِيَ آخِرُ مَغَازِيهِ [ﷺ [[من ج وع وهـ.]]]. وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي رَجَبٍ وَأَقَامَ بِتَبُوكَ شَعْبَانَ وَأَيَّامًا مِنْ رَمَضَانَ وَبَثَّ سَرَايَاهُ وَصَالَحَ أَقْوَامًا عَلَى الْجِزْيَةِ. وَفِي هَذِهِ الْغَزَاةِ خَلَّفَ عَلِيًّا عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: خَلَّفَهُ بُغْضًا لَهُ، فَخَرَجَ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ وَأَخْبَرَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى) وَبَيَّنَ أَنَّ قُعُودَهُ بِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوَازِي فِي الْأَجْرِ خُرُوجَهُ مَعَهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى أَمْرِ الشَّارِعِ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا: غَزْوَةُ تَبُوكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِهِ يَبُوكُونَ حِسْيِ تَبُوكَ أَيْ يُدْخِلُونَ فِيهِ الْقَدَحَ وَيُحَرِّكُونَهُ لِيَخْرُجَ الْمَاءُ، فَقَالَ: (مَا زِلْتُمْ تَبُوكُونَهَا بَوْكًا) فَسُمِّيَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزْوَةَ تَبُوكَ. الْحِسْيُ (بِالْكَسْرِ) مَا تُنَشِّفُهُ الْأَرْضُ مِنَ الرَّمَلِ فَإِذَا صَارَ إِلَى صَلَابَةٍ أَمْسَكَتْهُ فَتَحْفِرُ عَنْهُ الرَّمَلَ فَتَسْتَخْرِجُهُ وَهُوَ الِاحْتِسَاءُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ [[قراءة نافع بالتاء.]] قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ) "قُلُوبُ" رُفِعَ بِ"- تَزِيغُ "عِنْدَ سِيبَوَيْهِ. وَيُضْمَرُ فِي" كادَ "الْحَدِيثُ تَشْبِيهًا بِكَانَ، لِأَنَّ الْخَبَرَ يَلْزَمُهَا كَمَا يَلْزَمُ كَانَ. وَإِنْ شِئْتَ رَفَعْتَهَا بِكَادَ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: مِنْ بَعْدِ مَا كاد قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ تَزِيغُ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ وَحَفْصٌ" يَزِيغُ "بِالْيَاءِ، وَزَعَمَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ مَنْ قَرَأَ" يَزِيغُ" بِالْيَاءِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أن يرفع القلوب بكاد. قال النحاس: والذي لَمْ يُجِزْهِ جَائِزٌ عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى تَذْكِيرِ الْجَمِيعِ. حَكَى الْفَرَّاءُ: رَحُبَ الْبِلَادُ وَأَرْحَبَتْ، وَرَحُبَتْ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى تَزِيغُ، فَقِيلَ: تَتْلَفُ بِالْجَهْدِ وَالْمَشَقَّةِ وَالشِّدَّةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَعْدِلُ- أَيْ تَمِيلُ- عَنِ الْحَقِّ فِي الممانعة والنصرة.
وَقِيلَ: مِنْ بَعْدِ مَا هَمَّ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِالتَّخَلُّفِ وَالْعِصْيَانِ ثُمَّ لَحِقُوا بِهِ. وَقِيلَ: هَمُّوا بالقفول فتاب الله عليهم وأمر هم بِهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ﴾ قِيلَ: تَوْبَتُهُ عَلَيْهِمْ أَنْ تَدَارَكَ قُلُوبَهُمْ حَتَّى لَمْ تَزِغْ، وَكَذَلِكَ [[في ب: وذلك.]] سُنَّةُ الْحَقِّ مَعَ أَوْلِيَائِهِ إِذَا أَشْرَفُوا عَلَى الْعَطَبِ، وَوَطَّنُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْهَلَاكِ أَمْطَرَ عَلَيْهِمْ سَحَائِبَ الْجُودِ فَأَحْيَا قُلُوبَهُمْ. وَيُنْشَدُ:
مِنْكَ أَرْجُو وَلَسْتُ أَعْرِفُ رَبًّا ... يُرْتَجَى مِنْهُ بَعْضُ مَا مِنْكَ أَرْجُو
وَإِذَا اشْتَدَّتِ الشَّدَائِدُ فِي الْأَرْ ... ضِ عَلَى الْخَلْقِ فَاسْتَغَاثُوا وَعَجُّوا
وَابْتَلَيْتَ الْعِبَادَ بِالْخَوْفِ وَالْجُو ... عِ وَصَرُّوا [[يريد (أصروا).]] عَلَى الذُّنُوبِ وَلَجُّوا
لَمْ يَكُنْ لِي سِوَاكَ رَبِّي مَلَاذٌ ... فَتَيَقَّنْتُ أَنَّنِي بِكَ أَنْجُو
وَقَالَ فِي حَقِّ الثَّلَاثَةِ: "ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا" "فَقِيلَ: مَعْنَى" ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ" أَيْ وَفَّقَهُمْ لِلتَّوْبَةِ لِيَتُوبُوا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى تَابَ عَلَيْهِمْ، أَيْ فَسَّحَ لَهُمْ وَلَمْ يُعَجِّلْ عِقَابَهُمْ لِيَتُوبُوا. وَقِيلَ: تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَثْبُتُوا عَلَى التَّوْبَةِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَرْجِعُوا إِلَى حَالِ الرِّضَا عَنْهُمْ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَوْلَا مَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ قَضَى لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ مَا تَابُوا، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له).
{"ayah":"لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِیِّ وَٱلۡمُهَـٰجِرِینَ وَٱلۡأَنصَارِ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ فِی سَاعَةِ ٱلۡعُسۡرَةِ مِنۢ بَعۡدِ مَا كَادَ یَزِیغُ قُلُوبُ فَرِیقࣲ مِّنۡهُمۡ ثُمَّ تَابَ عَلَیۡهِمۡۚ إِنَّهُۥ بِهِمۡ رَءُوفࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











