الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ﴾ أَيْ لَا يُعَذِّبُ كَعَذَابِ اللَّهِ أَحَدٌ، وَلَا يُوثِقُ كَوَثَاقِهِ أَحَدٌ. وَالْكِنَايَةُ تَرْجِعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ. وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ (لَا يُعَذَّبُ) (وَلَا يُوثَقُ) بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ، أَيْ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا كَعَذَابِ اللَّهِ الْكَافِرَ يَوْمَئِذٍ، وَلَا يُوثَقُ كَمَا يُوثَقُ الْكَافِرُ. وَالْمُرَادُ إِبْلِيسُ، لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَامَ عَلَى أَنَّهُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا، لِأَجْلِ إِجْرَامِهِ، فَأَطْلَقَ الْكَلَامَ لِأَجْلِ مَا صَحِبَهُ من التفسير. وقيل: إنه أمية ابن خَلَفٍ، حَكَاهُ الْفَرَّاءُ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ كَعَذَابِ هَذَا الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ أَحَدٌ، وَلَا يُوثَقُ بِالسَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ كَوَثَاقِهِ أَحَدٌ، لِتَنَاهِيهِ فِي كُفْرِهِ وعناده. وقيل: أي لا يعذب مكانه أَحَدٌ، فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِدَاءٌ. وَالْعَذَابُ بِمَعْنَى التَّعْذِيبِ، وَالْوَثَاقُ بِمَعْنَى الْإِيثَاقِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: وَبَعْدَ عَطَائِكَ الْمِائَةَ الرِّتَاعَا [[هذا عجز بيت للقطامى، من قصيدة مدح بها زفر بن الحارث، وصدره: أكفرا بعد رد الموت عنى والرتاع: الإبل الراتعة.]] وَقِيلَ: لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ لَيْسَ بِكَافِرٍ عَذَابَ الْكَافِرِ. وَاخْتَارَ أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ فَتْحَ الذَّالِ وَالثَّاءِ. وَتَكُونُ الْهَاءُ ضَمِيرَ الْكَافِرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْرُوفٌ: أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ أَحَدٌ كَعَذَابِ اللَّهِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو قِلَابَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَرَأَ بِفَتْحِ الذَّالِ وَالثَّاءِ. وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو رَجَعَ إِلَى قِرَاءَةِ النَّبِيُّ ﷺ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْكَافِرِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ، أَيْ لَا يُعَذِّبُ أَحَدٌ أَحَدًا مِثْلَ تَعْذِيبِ هَذَا الْكَافِرِ، فَتَكُونُ الْهَاءُ لِلْكَافِرِ. وَالْمُرَادُ بِ- أَحَدٌ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ تَعْذِيبَ أَهْلِ النار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب