الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسانُ﴾ يَعْنِي الْكَافِرَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَأَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَقِيلَ: أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ. وَقِيلَ: أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. (إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ) أي امتحنه واختبره بالنعمة. وفَأَمَّا: زَائِدَةٌ صِلَةٌ. (فَأَكْرَمَهُ) بِالْمَالِ. (وَنَعَّمَهُ) بِمَا أَوْسَعَ عليه. (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) فَيَفْرَحُ بِذَلِكَ وَلَا يَحْمَدُهُ. (وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ) أَيِ امْتَحَنَهُ بِالْفَقْرِ وَاخْتَبَرَهُ. (فَقَدَرَ) أَيْ ضَيَّقَ (عَلَيْهِ رِزْقَهُ) عَلَى مِقْدَارِ الْبُلْغَةِ. (فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) أَيْ أَوْلَانِي هَوَانًا. وَهَذِهِ صِفَةُ الْكَافِرِ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ: وَإِنَّمَا الْكَرَامَةُ عِنْدَهُ وَالْهَوَانُ بِكَثْرَةِ الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا وَقِلَّتِهِ. فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَالْكَرَامَةُ عِنْدَهُ أَنْ يُكْرِمَهُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، الْمُؤَدِّي إِلَى حَظِّ الْآخِرَةِ، وَإِنْ وَسَّعَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا حَمِدَهُ وَشَكَرَهُ. قُلْتُ: الْآيَتَانِ صِفَةُ كُلِّ كَافِرٍ. وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَظُنُّ أَنَّ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ لِكَرَامَتِهِ وَفَضِيلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ، وَرُبَّمَا يَقُولُ بِجَهْلِهِ: لَوْ لَمْ أستحق هذا لم يعطينه اللَّهُ. وَكَذَا إِنْ قَتَرَ عَلَيْهِ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ لِهَوَانِهِ عَلَى اللَّهِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ فَقَدَرَ مُخَفَّفَةُ الدَّالِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ مُشَدِّدًا، وَهُمَا لُغَتَانِ. وَالِاخْتِيَارُ التَّخْفِيفُ، لِقَوْلِهِ: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ» [الطلاق: ٧]. قال أبو عمرو: فَقَدَرَ أَيْ قُتِرَ. وَ (قَدَّرَ) مُشَدَّدًا: هُوَ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَكْفِيهِ، وَلَوْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ مَا قَالَ رَبِّي أَهانَنِ. وَقَرَأَ أَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُو عَمْرٍو (رَبِّيَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وأسكن الباقون. وأثبت البزي وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَيَعْقُوبُ الْيَاءَ مِنْ أَكْرَمَنِ، وأَهانَنِ فِي الْحَالَيْنِ، لِأَنَّهَا اسْمٌ فَلَا تُحْذَفُ. وَأَثْبَتَهَا الْمَدَنِيُّونَ فِي الْوَصْلِ دُونَ الْوَقْفِ اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ. وَخَيَّرَ أَبُو عَمْرٍو فِي إِثْبَاتِهَا فِي الْوَصْلِ أَوْ حَذْفِهَا، لِأَنَّهَا رَأْسُ آيَةٍ، وَحَذَفَهَا فِي الْوَقْفِ لِخَطِ الْمُصْحَفِ. الْبَاقُونَ بِحَذْفِهَا، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِغَيْرِ يَاءٍ، وَالسُّنَّةُ أَلَّا يُخَالَفَ خط المصحف، لأنه إجماع الصحابة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب