الباحث القرآني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ "الطَّارِقِ" مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) قَوْلُهُ تَعَالَى (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) قسمان: السَّماءِ قسم، والطَّارِقِ قَسَمٌ. وَالطَّارِقُ: النَّجْمُ. وَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ زُحَلُ: الْكَوْكَبُ الَّذِي فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ [[لعل المراد به: أبو بكر العطار: محمد بن الحسن بن مقسم.]] فِي تَفْسِيرِهِ، وَذَكَرَ لَهُ أَخْبَارًا، اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِنَّهُ الثُّرَيَّا. وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ زُحَلُ، وَقَالَهُ الْفَرَّاءُ. ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْجَدْيُ. وَعَنْهُ أَيْضًا وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- وَالْفَرَّاءِ: النَّجْمُ الثَّاقِبُ: نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، لَا يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ مِنَ النُّجُومِ، فَإِذَا أَخَذَتِ النُّجُومُ أَمْكِنَتَهَا مِنَ السَّمَاءِ، هَبَطَ فَكَانَ مَعَهَا. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَهُوَ زُحَلُ، فَهُوَ طَارِقٌ حِينَ يَنْزِلُ، وَطَارِقٌ حِينَ يَصْعَدُ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: ثَقَبَ الطَّائِرُ: إِذَا ارْتَفَعَ وَعَلَا. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَاعِدًا مَعَ أَبِي طَالِبٍ، فَانْحَطَّ نَجْمٌ، فَامْتَلَأَتِ الْأَرْضُ نُورًا، فَفَزِعَ أَبُو طَالِبٍ، وَقَالَ: أَيُّ شي هَذَا؟ فَقَالَ: "هَذَا نَجْمٌ رُمِيَ بِهِ، وَهُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ" فَعَجِبَ أَبُو طَالِبٍ، وَنَزَلَ: والسَّماءِ وَالطَّارِقِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا والسَّماءِ وَالطَّارِقِ [قَالَ: السَّمَاءُ [[زيادة عن الطبري]] [وَمَا يَطْرُقُ فيها. وعن ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ: الثَّاقِبُ: الَّذِي تُرْمَى بِهِ الشَّيَاطِينُ. قَتَادَةُ: هُوَ عَامٌّ فِي سَائِرِ النُّجُومِ، لِأَنَّ طُلُوعَهَا بِلَيْلٍ، وَكُلُّ مَنْ أَتَاكِ لَيْلًا فهو طارق. قال: ومثلك حبلي قد طرقت ومرضعا ... فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُغْيَلِ [[البيت لامرئ القيس. والتمائم: التعاويذ التي تعلق في عنق الصبي. وذو التمائم: هو الصبي. والمغيل: الذي تؤتى أمه وهي ترضعه. ويروي: (محول) بدل (مغيل) وهو الذي أتى عليه الحول.]] وَقَالَ: أَلَمْ تَرَيَانِي كُلَّمَا جِئْتُ طَارِقًا ... وَجَدْتُ بِهَا طِيبًا وَإِنْ لَمْ تَطَيَّبِ فَالطَّارِقُ: النَّجْمُ، اسْمُ جِنْسٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَطْرُقُ لَيْلًا، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: [نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَطْرُقَ الْمُسَافِرُ أَهْلَهُ لَيْلًا، كَيْ تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ [[الاستحداد: حلق العانة بالحديد. والمغيبة: التي غاب عنها زوجها. والشعثة: التي تلبد شعرها.]]]. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ قَاصِدٍ فِي اللَّيْلِ طَارِقًا. يُقَالُ: طَرَقَ فُلَانٌ إِذَا جَاءَ بِلَيْلٍ. وَقَدْ طَرَقَ يَطْرُقُ طُرُوقًا، فَهُوَ طَارِقٌ. وَلِابْنِ الرُّومِيِّ: [[لم نعثر على هذين البيتين في ديوان ابن الرومي. وقد أورد الجاحظ البيت الأول في كتابه (الحيوان ج ٦ ص ٥٠٨ طبع مطبعة الحلبي) غير منسوب. ولم يعرف أن الجاحظ يستشهد بشعر ابن الرومي. وقد توفى الجاحظ وكانت سن ابن الرومي ٣٤ على أن هذا الشعر ليس من روح ابن الرومي. وقد أورد أيضا الغزالي في (الأحياء ج ٣ ص ١٨٠ طبع الحلبي) البيت الأول ضمن ستة أبيات من وزنه وقافيته.]] يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ ... إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا لَا تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ ... فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا وَفِي الصِّحَاحِ: وَالطَّارِقِ: النَّجْمُ الَّذِي يُقَالُ له كوكب الصبح. ومنه قول هند: [[هي هِنْدِ بِنْتِ بَيَاضَةَ بْنِ رَبَاحِ بْنِ طَارِقٍ الايادي، قالت هذا الرجز يوم أحد تحض على الحرب، والزجر بأكله في (اللسان: طرق).]] نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقِ ... نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقِ أَيْ إن أبانا في الشرف كالنجم المضي. الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ الطَّرْقِ: الدَّقُّ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْمِطْرَقَةُ، فَسُمِّيَ قَاصِدُ اللَّيْلِ طَارِقًا، لِاحْتِيَاجِهِ فِي الْوُصُولِ إِلَى الدَّقِّ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَهَارًا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ، أَتَيْتُكَ الْيَوْمَ طَرْقَتَيْنِ: أَيْ مرتين. ومنه قوله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: [أَعُوَذُ بِكَ مِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يا رحمان [. وَقَالَ جَرِيرٌ فِي الطُّرُوقِ: طَرَقَتْكَ صَائِدَةُ الْقُلُوبِ وَلَيْسَ ذَا ... حِينَ الزِّيَارَةِ فَارْجِعِي بِسَلَامِ ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ: (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ) والثاقب: المضي. وَمِنْهُ شِهابٌ ثاقِبٌ [[آية ١٠ سورة الصافات.]]. يُقَالُ ثَقَبَ يَثْقُبُ ثُقُوبًا وَثَقَابَةً: إِذَا أَضَاءَ. وَثُقُوبُهُ: ضَوْءُهُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَثْقِبْ نَارَكَ، أَيْ أَضِئْهَا. قَالَ: أَذَاعَ بِهِ فِي النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ ... بِعَلْيَاءَ نَارٌ أُوقِدَتْ بِثَقُوبِ الثَّقُوبُ: مَا تُشْعَلُ بِهِ النَّارُ مِنْ دُقَاقِ الْعِيدَانِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الثَّاقِبُ: الْمُتَوَهِّجُ. الْقُشَيْرِيُّ: وَالْمُعْظَمُ عَلَى أَنَّ الطَّارِقَ وَالثَّاقِبَ اسْمُ جِنْسٍ أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ [[أي لم يرد به نجم معين، كالثريا أو زحل، كما قال بعض المفسرين.]]، كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ مُجَاهِدٍ. (وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ) تَفْخِيمًا لِشَأْنِ هَذَا الْمُقْسَمِ بِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ: كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ وَما أَدْراكَ؟ فَقَدْ أَخْبَرَهُ بِهِ. وَكُلُّ شي قَالَ فِيهِ "وَمَا يُدْرِيكَ": لَمْ يُخْبِرْهُ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب