الباحث القرآني

رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ حِينَ أَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالذَّبْحِ. قَالَ أَبُو لُبَابَةَ: وَاللَّهِ مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَلِمْتُ أَنِّي قَدْ خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. فَلَمَّا نَزَلَتْ شَدَّ نَفْسَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا حَتَّى أَمُوتَ، أَوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ. الْخَبَرُ مَشْهُورٌ [[راجع ج ٨ ص ٢٤٢.]]. وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ شَأْنُ قُرَيْظَةَ بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ وَقَعُوا فِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنْ وَجْهِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَقُلْتُ: هَذَا دِحْيَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: "هَذَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ". قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَمْنَعُكَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ (؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:" فَكَيْفَ لِي بِحِصْنِهِمْ "فَقَالَ جِبْرِيلُ:" فَإِنِّي أُدْخِلُ فَرَسِي هَذَا عَلَيْهِمْ". فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَسًا مُعْرَوْرًى [[عريانا.]]، فَلَمَّا رَآهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا عَلَيْكَ أَلَّا تَأْتِيَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَشْتُمُونَكَ. فَقَالَ: "كَلَّا إِنَّهَا سَتَكُونُ تَحِيَّةً". فَأَتَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: (يَا إِخْوَةَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ) فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا كُنْتَ فَحَّاشًا! فَقَالُوا: لَا نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّا نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَنَزَلَ. فَحَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "بِذَلِكَ طَرَقَنِي الْمَلَكُ سَحَرًا". فَنَزَلَ فِيهِمْ "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ". نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ، أَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ قَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ الذَّبْحُ، وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ. وَقِيلَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ الشَّيْءَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَيُلْقُونَهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَيُفْشُونَهُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى بِغُلُولِ الْغَنَائِمِ. وَنِسْبَتُهَا إِلَى اللَّهِ، لِأَنَّهُ هُوَ [[من ج.]] الَّذِي أَمَرَ بِقِسْمَتِهَا. وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لِأَنَّهُ الْمُؤَدِّي عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْقَيِّمُ بِهَا. وَالْخِيَانَةُ: الْغَدْرُ وَإِخْفَاءُ الشَّيْءِ، وَمِنْهُ: (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ [[راجع ج ١٥ ص ٣٠١ فما بعد.]]) [٤٠: ١٩] وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ ومن الخيانة فإنها بئست الْبِطَانَةُ). خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ، فَذَكَرَهُ. (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ، نَسَقًا عَلَى الْأَوَّلِ. وَقَدْ يَكُونُ عَلَى الْجَوَابِ، كَمَا يُقَالُ: لَا تَأْكُلِ السَّمَكَ وَتَشْرَبِ اللَّبَنَ. وَالْأَمَانَاتُ: الْأَعْمَالُ الَّتِي ائْتَمَنَ اللَّهُ عَلَيْهَا الْعِبَادَ. وَسُمِّيَتْ أَمَانَةٌ لِأَنَّهَا يُؤْمَنُ مَعَهَا مِنْ مَنْعِ الحق، مأخوذ مِنَ الْأَمْنِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "النِّسَاءِ" الْقَوْلُ فِي أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ وَالْوَدَائِعِ [[راجع ج ٥ ص ٢٥٥.]] وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أَيْ مَا فِي الْخِيَانَةِ مِنَ الْقُبْحِ والعار. وقيل: تعلمون أنها أمانة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب