الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ﴾ أَيْ يَظُنُّ ابْنُ آدَمَ (أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) أَيْ أَنْ يُخَلَّى مُهْمَلًا، فَلَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى، قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَمُجَاهِدٌ، وَمِنْهُ إِبِلٌ سُدًى: تَرْعَى بِلَا رَاعٍ. وَقِيلَ: أَيَحْسَبُ أَنْ يُتْرَكَ فِي قَبْرِهِ كَذَلِكَ أَبَدًا لَا يُبْعَثُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: فَأُقْسِمُ بالله جهد اليم ... - بين ما ترك الله شيئا سدى قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى﴾ أَيْ مِنْ قَطْرَةِ مَاءٍ تُمْنَى فِي الرحم، أي تراق فيه، ولذلك سميت (مَنِيٍّ) لِإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ [[راجع ج ١٧ ص ١١٨ وص (٢١٦)]]. وَالنُّطْفَةُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ، يُقَالُ: نَطَفَ الْمَاءُ: إِذَا قَطَرَ أَيْ أَلَمْ يَكُ مَاءً قَلِيلًا فِي صُلْبِ الرَّجُلِ وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ. وَقَرَأَ حَفْصٌ (مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) بِالْيَاءِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مُحَيْصِنٍ وَمُجَاهِدٍ وَيَعْقُوبَ وَعَيَّاشٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ لِأَجْلِ الْمَنِيِّ. الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ لِأَجْلِ النُّطْفَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمٍ. (ثُمَّ كانَ عَلَقَةً) أَيْ دَمًا بَعْدَ النُّطْفَةِ، أَيْ قَدْ رَتَّبَهُ تَعَالَى بِهَذَا كُلِّهِ عَلَى خِسَّةِ قَدْرِهِ. ثُمَّ قَالَ: (فَخَلَقَ) أَيْ فَقَدَّرَ (فَسَوَّى) أَيْ فَسَوَّاهُ تَسْوِيَةً، وَعَدَّلَهُ تَعْدِيلًا، بِجَعْلِ الرُّوحِ فِيهِ (فَجَعَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الْإِنْسَانِ. وَقِيلَ: مِنَ الْمَنِيِّ. (الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) أَيِ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ. وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَنْ رَأَى إِسْقَاطَ الْخُنْثَى. وَقَدْ مَضَى فِي سُورَةِ "الشُّورَى" [[راجع ج ١٦ ص (٤٨)]] أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَرِينَتَهَا إِنَّمَا خَرَجَتَا مَخْرَجَ الْغَالِبِ. وَقَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ "النِّسَاءِ" [[راجع ج ٥ ص ٣]] أَيْضًا الْقَوْلُ فِيهِ، وَذَكَرْنَا فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ حُكْمَهُ، فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ) أَيْ أَلَيْسَ الَّذِي قَدَرَ عَلَى خَلْقِ هَذِهِ النَّسَمَةِ [[في ح: (المضفة).]] مِنْ قَطْرَةٍ مِنْ مَاءٍ (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) أَيْ عَلَى أَنْ يُعِيدَ هَذِهِ الْأَجْسَامَ كَهَيْئَتِهَا لِلْبَعْثِ بَعْدَ الْبِلَى. وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَهَا قَالَ: [سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، بَلَى [وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. مَنْ قَرَأَ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الْأَعْلَى: ١] إِمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلْيَقُلْ: (سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) وَمَنْ قَرَأَ ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ﴾ [الْقِيَامَةِ: ١] إِلَى آخِرِهَا إِمَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فَلْيَقُلْ: "(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ بَلَى" [[في ا، ح: (سبحانك اللهم وبحمدك).]] ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حديث أبي إسحاق السبيعي عن سعيد ابن جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. خُتِمَتِ السُّورَةُ وَالْحَمْدُ [[في ح: (والحمد لله على كل حال).]] لله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب