الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)
قَالَ الْأَخْفَشُ: جَعَلَهُ هُوَ الْبَصِيرَةُ، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ أَنْتَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَصِيرَةٌ
أَيْ شَاهِدٌ، وَهُوَ شُهُودُ جوارحه عَلَيْهِ: يَدَاهُ بِمَا بَطَشَ بِهِمَا، وَرِجْلَاهُ بِمَا مَشَى عَلَيْهِمَا، وَعَيْنَاهُ بِمَا أَبْصَرَ بِهِمَا. وَالْبَصِيرَةُ: الشَّاهِدُ. وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
كَأَنَّ عَلَى ذِي الْعَقْلِ عَيْنًا بَصِيرَةً ... بِمَقْعَدِهِ أَوْ مَنْظَرٍ هُوَ نَاظِرُهُ
يُحَاذِرُ حَتَّى يَحْسِبَ النَّاسَ كُلَّهُمْ ... مِنَ الْخَوْفِ لَا تَخْفَى عَلَيْهِمْ سَرَائِرُهُ
وَدَلِيلُ هَذَا التَّأْوِيلِ مِنَ التَّنْزِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [[راجع ج ١٢ ص ٢١٠.]] [النور: ٢٤]. وجاء تأنيث البصيرة لان المراد بالإنسان ها هنا الْجَوَارِحُ، لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ عَلَى نَفْسِ الْإِنْسَانِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بَلِ الْجَوَارِحُ عَلَى نَفْسِ الْإِنْسَانِ بَصِيرَةٌ، قَالَ مَعْنَاهُ الْقُتَبِيُّ وَغَيْرُهُ. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: هَذِهِ الْهَاءُ فِي قَوْلِهِ: بَصِيرَةٌ
هِيَ الَّتِي يُسَمِّيهَا أَهْلُ الْإِعْرَابِ هَاءَ الْمُبَالَغَةِ، كَالْهَاءِ فِي قَوْلِهِمْ: دَاهِيَةٌ وَعَلَّامَةٌ وَرَاوِيَةٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْبَصِيرَةِ الْكَاتِبَانِ اللَّذَانِ يَكْتُبَانِ مَا يَكُونُ مِنْهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
فِيمَنْ جَعَلَ الْمَعَاذِيرَ السُّتُورَ. وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ وَالضَّحَّاكِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: الْمَعْنَى بَلْ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، أَيْ شَاهِدٌ فَحُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَصِيرَةٍ نَعْتًا لِاسْمٍ مُؤَنَّثٍ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ عَيْنٌ بَصِيرَةٌ، وَأَنْشَدَ الْفَرَّاءُ:
كَأَنَّ عَلَى ذِي الْعَقْلِ عَيْنًا بَصِيرَةً
وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ
يَعْنِي بَصِيرٌ بِعُيُوبِ غَيْرِهِ، جَاهِلٌ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ.
(وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) أَيْ وَلَوْ أَرْخَى سُتُورَهُ. وَالسِّتْرُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ: مِعْذَارٌ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وَلَكِنَّهَا ضَنَّتْ بِمَنْزِلِ سَاعَةٍ ... عَلَيْنَا وَأَطَّتْ فَوْقَهَا بِالْمَعَاذِرِ
قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعَاذِرُ: السُّتُورُ، وَالْوَاحِدُ مِعْذَارٌ، أَيْ وَإِنْ أَرْخَى سِتْرَهُ، يُرِيدُ أَنْ يُخْفِيَ عَمَلَهُ، فَنَفْسُهُ شَاهِدَةٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: أَيْ وَلَوِ اعْتَذَرَ فَقَالَ لَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا، لَكَانَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ مِنْ جَوَارِحِهِ، فَهُوَ وَإِنِ اعْتَذَرَ وَجَادَلَ عَنْ نفسه، فعليه شاهد يكذب عُذْرَهُ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ وَالْفَرَّاءُ وَالسُّدِّيُّ أَيْضًا وَمُقَاتِلٌ. قَالَ مُقَاتِلٌ: أَيْ لَوْ أَدْلَى بِعُذْرٍ أَوْ حُجَّةٍ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ. نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ [غافر: ٥٢] وقوله: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [المرسلات: ٣٦] فَالْمَعَاذِيرُ عَلَى هَذَا: مَأْخُوذٌ مِنَ الْعُذْرِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَإِيَّاكَ وَالْأَمْرُ الَّذِي إِنْ تَوَسَّعَتْ ... مَوَارِدُهُ ضَاقَتْ عَلَيْكَ الْمَصَادِرُ
فَمَا حَسَنٌ أَنْ يَعْذِرَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ... وَلَيْسَ لَهُ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ عَاذِرُ
وَاعْتَذَرَ رَجُلٌ إِلَى إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَقَالَ لَهُ: قَدْ عَذَرْتُكَ غَيْرَ مُعْتَذِرٍ، إِنَّ الْمَعَاذِيرَ يَشُوبُهَا الْكَذِبُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
أَيْ لَوْ تَجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ. حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قُلْتُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ الْإِدْلَاءُ بِالْحُجَّةِ وَالِاعْتِذَارُ مِنَ الذَّنْبِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
هَا إِنَّ ذِي عِذْرَةٌ إِلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ ... فَإِنَّ صَاحِبَهَا مُشَارِكُ النَّكَدِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ وَاللَّهِ رَبِّنا مَا كُنَّا [[راجع ج ٦ ص (٤٠١)]] مُشْرِكِينَ [الانعام: ٢٣] وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ [[راجع ج ١٧ ص ٩٨٢.]] [المجادلة: ١٨]. وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَقُولُ: (يَا رَبِّ آمَنْتُ بِكَ وَبِكِتَابِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَصَلَّيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَّقْتُ، وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ) الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "حم السَّجْدَةِ" [[راجع ج: ١٥ ص ٣٥ ففيه معنى ما أشار إليه القرطبي وأما الحديث فقد أورده في سورة الانعام ج ٦ ص (٤٠٢)]] وَغَيْرِهَا. وَالْمَعَاذِيرُ وَالْمَعَاذِرُ: جَمْعُ مَعْذِرَةٍ، وَيُقَالُ: عَذَرْتُهُ فِيمَا صَنَعَ أَعْذِرُهُ عُذْرًا وَعُذُرًا، والاسم المعذرة والعذري، قال الشاعر: [[قائله الجموح الظفري. وقيل: هو راشد بن عبد ربه. وعذري مقصور. وفي اللسان: صواب إنشاده لولا حددت. على إرادة أن تقديره: لولا أن حددت لان لولا التي معناها امتناع الشيء لوجود غيره هي مخصوصة بالأسماء وقد تقع بعدها الافعال على تقدير أن.]]
إني حددت ولا عذري لمحدود وَكَذَلِكَ الْعِذْرَةُ وَهِيَ مِثْلُ الرِّكْبَةِ وَالْجِلْسَةِ، قَالَ النَّابِغَةُ:
هَا إِنَّ تَا عِذْرَةٌ إِلَّا تَكُنْ نَفَعَتْ ... فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ فِي الْبَلَدِ [[تقدم البيت برواية: ها إن ذى- مشارك الكمد. وهما روايتان.]]
وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ خَمْسَ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
: فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ إِقْرَارِ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهَا بِشَهَادَةٍ مِنْهُ عَلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [النور: ٢٤] وَلَا خِلَافَ فِيهِ، لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَلَى وَجْهٍ تَنْتِفِي التُّهْمَةُ عَنْهُ، لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَكْذِبُ على نفسه، وهي المسألة: وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ [[راجع ج ٤ ص ١٢٤.]] [آل عمران: ٨١] ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ [[راجع ج ٨ ص ٢٤٠.]] سَيِّئاً [التوبة: ١٠٢] وَهُوَ فِي الْآثَارِ كَثِيرٌ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (اغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا). فَأَمَّا إِقْرَارُ الْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ بِوَارِثٍ أَوْ دَيْنٍ فَقَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ بَنُونَ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: إِنَّ أَبِي قَدْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ، أَنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُ الَّذِي أَقَرَّ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ، يُعْطَى الَّذِي شُهِدَ لَهُ قَدْرَ الدَّيْنِ [[كلمة (الدين) ساقطة من ز، ط، ل، المتطوع.]] الَّذِي يُصِيبُهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ. قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَهْلِكَ الرَّجُلُ وَيَتْرُكَ ابْنَيْنِ وَيَتْرُكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ أَبَاهُ الْهَالِكَ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ، فَيَكُونُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ لِلَّذِي اسْتَحَقَّ مِائَةُ دِينَارٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ مِيرَاثِ الْمُسْتَلْحَقِ لَوْ لَحِقَ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ أَخَذَ الْمِائَةَ الْأُخْرَى فَاسْتَكْمَلَ حَقَّهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ. وَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تُقِرُّ بالدين على أبيها أو على زوجها وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ إِلَى الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ قَدْرَ الَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ، إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَوَرِثَتِ الثُّمُنَ دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ ثُمُنَ دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتِ ابْنَةً وَرِثَتِ النِّصْفَ دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ نِصْفَ دَيْنِهِ، عَلَى حِسَابِ هَذَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ. الثَّالِثَةُ- لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ إِلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَلَّا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْحَجْرَ يُسْقِطُ قَوْلَهُ إِنْ كَانَ لِحَقِّ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لِحَقِّ غَيْرِهِ كَالْمَرِيضِ كَانَ مِنْهُ سَاقِطٌ، وَمِنْهُ جَائِزٌ. وَبَيَانُهُ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ. وَلِلْعَبْدِ حَالَتَانِ فِي الْإِقْرَارِ: إِحْدَاهُمَا فِي ابْتِدَائِهِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ. وَالثَّانِيَةُ فِي انْتِهَائِهِ، وَذَلِكَ مِثْلَ إِبْهَامِ الْإِقْرَارِ، وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ وَأُمَّهَاتُهَا سِتٌّ: الصُّورَةُ الاولى- أن يقول له عندي شي، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ فَسَّرَهُ بِتَمْرَةٍ أَوْ كِسْرَةٍ قُبِلَ مِنْهُ. وَالَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُنَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِلَّا فِيمَا لَهُ قَدْرٌ، فَإِذَا فَسَّرَهُ بِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ- أَنْ يُفَسِّرَ هَذَا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَا لَا يَكُونُ مَالًا فِي الشَّرِيعَةِ: لَمْ يُقْبَلْ بِاتِّفَاقٍ وَلَوْ سَاعَدَهُ عَلَيْهِ الْمُقَرُّ لَهُ. الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ- أَنْ يُفَسِّرَهُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ مِثْلَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ أَوْ سِرْقِينٍ أَوْ كَلْبٍ، [فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِمَا يَرَاهُ مِنْ رَدٍّ وَإِمْضَاءٍ [[ما بين المربعين ساقط من الأصل المطبوع.]]] فَإِنْ رَدَّهُ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ حَاكِمٌ آخَرُ غَيْرُهُ بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ نَفَذَ بِإِبْطَالِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يَلْزَمُ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ، وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ. وَقَالَ أبو حنيفة: إذا قال له علي شي لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ إِلَّا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِنَفْسِهِ إِلَّا هُمَا. وَهَذَا ضَعِيفٌ، فَإِنَّ غَيْرَهُمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إِذَا وَجَبَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا. الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ- إِذَا قَالَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا لَا يَكُونُ مَالًا فِي الْعَادَةِ كَالدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ، مَا لَمْ يَجِئْ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ مَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ- أَنْ يَقُولَ لَهُ: عِنْدِي مَالٌ كَثِيرٌ أَوْ عَظِيمٌ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْبَلُ فِي الْحَبَّةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْبَلُ إِلَّا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً، مِنْهَا نِصَابُ السَّرِقَةِ وَالزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ وَأَقَلُّهُ عِنْدِي نصاب السرقة، لِأَنَّهُ لَا يُبَانُ عُضْوُ الْمُسْلِمِ إِلَّا فِي مَالٍ عَظِيمٍ. وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ. وَمَنْ يَعْجَبُ فَيَتَعَجَّبُ لِقَوْلِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: إِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي أَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دِرْهَمًا. فَقِيلَ لَهُ: وَمِنْ أَيْنَ تَقُولُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ [[جملة (ويوم حنين) ساقطة من ز، ط والمطبوع.]] [التوبة: ٢٥] وَغَزَوَاتُهُ وَسَرَايَاهُ كَانَتِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ أَخْرَجَ حُنَيْنًا مِنْهَا، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ يُقْبَلُ فِي أَحَدٍ وَسَبْعِينَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب: ٤١]، وَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ [النساء: ١١٤]، وقال: وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً [الأحزاب: ٦٨]. الصُّورَةُ السَّادِسَةُ- إِذَا قَالَ لَهُ: عِنْدِي عَشَرَةٌ أو مائة أو ألف، فَإِنَّهُ يُفَسِّرُهَا بِمَا شَاءَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ، فَإِنْ قَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةٌ وَعَبْدٌ أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يُفَسِّرِ الْمُبْهَمَ وَيُقْبَلُ مِنْهُ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ عَطَفَ عَلَى الْعَدَدِ الْمُبْهَمِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا كَانَ تَفْسِيرًا، كَقَوْلِهِ: مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا، لان الدرهم تفسير للخمسين، والخمسين تَفْسِيرٌ لِلْمِائَةِ. وَقَالَ ابْنُ خَيْرَانَ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: الدِّرْهَمُ لَا يَكُونُ تَفْسِيرًا فِي الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إِلَّا لِلْخَمْسِينَ خَاصَّةً وَيُفَسِّرُ هُوَ الْمِائَةَ بِمَا شَاءَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ
وَمَعْنَاهُ لَوِ اعْتَذَرَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فيمن رجع بعد ما أَقَرَّ فِي الْحُدُودِ الَّتِي هِيَ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ. وَقَالَ بِهِ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ: لَا يُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ لِرُجُوعِهِ وَجْهًا صَحِيحًا. وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا، لِمَا رَوَى الْأَئِمَّةُ مِنْهُمِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رد المقر بالزنى مِرَارًا أَرْبَعًا كُلَّ مَرَّةٍ يُعْرِضُ عَنْهُ، وَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ ﷺ وَقَالَ: (أَبِكَ جُنُونٌ) قَالَ: لَا. قَالَ: (أُحْصِنْتَ) قَالَ: نَعَمْ. وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ: (لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ). وَفِي النَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ: حَتَّى قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَةِ (أَجَامَعْتَهَا) [[اللفظ في رواية لابي داود.]] قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: (حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِي ذَلِكَ مِنْهَا) قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: (كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ). قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ قال: (هل تدري ما الزنى) قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ حَلَالًا. قَالَ: (فَمَا تريد مني)؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ: فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَرَّ يَشْتَدُّ»
، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ، وَضَرَبَهُ النَّاسُ حَتَّى مَاتَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ) وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ: لِيَتَثَبَّتَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا لِتَرْكِ حَدٍّ فَلَا. وَهَذَا كُلُّهُ طَرِيقٌ لِلرُّجُوعِ وَتَصْرِيحٌ بِقَبُولِهِ. وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ) إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِ مَالِكٍ: إِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إِذَا ذَكَرَ وَجْهًا. الْخَامِسَةُ- وَهَذَا فِي الْحُرِّ الْمَالِكِ لِأَمْرِ نَفْسِهِ، فَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ إِقْرَارَهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ قِسْمَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُقِرَّ عَلَى بَدَنِهِ، أَوْ عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَذِمَّتِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ عَلَى مَا فِي بَدَنِهِ فِيمَا فِيهِ عُقُوبَةٌ مِنَ الْقَتْلِ فَمَا دُونَهُ نَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، لِأَنَّ بَدَنَهُ مُسْتَغْرَقٌ لِحَقِ السَّيِّدِ، وَفِي إِقْرَارِهِ إِتْلَافُ حُقُوقِ السَّيِّدِ فِي بَدَنِهِ، وَدَلِيلِنَا قَوْلُهُ ﷺ: (مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شيئا فليستتر بستر الله، فإن من يبدلنا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ (. الْمَعْنَى: أَنَّ مَحَلَّ الْعُقُوبَةِ أَصْلُ الْخِلْقَةِ، وَهِيَ [الدُّمْيَةُ [[التصحيح من ابن العربي. وفي الأصول (الذمة).]]] فِي الْآدَمِيَّةِ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيهَا، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي الْوَصْفِ وَالتَّبَعِ، وَهِيَ الْمَالِيَّةُ الطَّارِئَةُ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّهُ لَوْ قَالَ سَرَقْتُ هَذِهِ السِّلْعَةَ أَنَّهُ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ وَيَأْخُذُهَا الْمُقَرُّ لَهُ. وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: السِّلْعَةُ لِلسَّيِّدِ وَيُتْبَعُ الْعَبْدُ بِقِيمَتِهَا إِذَا عُتِقَ، لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ إِجْمَاعًا، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَلَا إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ، لَا سِيَّمَا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَ وَلَا يُمَلِّكَ، وَنَحْنُ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ. وَلَكِنَّ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ بِإِجْمَاعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَاللَّهُ أعلم.
{"ayahs_start":14,"ayahs":["بَلِ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِیرَةࣱ","وَلَوۡ أَلۡقَىٰ مَعَاذِیرَهُۥ"],"ayah":"بَلِ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِیرَةࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق