قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ﴾ أَيْ مُخَوِّفٌ.
(مُبِينٌ) أَيْ مُظْهِرٌ لَكُمْ بِلِسَانِكُمُ الذي تعرفونه.
(أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ) وأَنِ الْمُفَسِّرَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَنْ أَنْذِرْ. اعْبُدُوا أَيْ وَحِّدُوا. وَاتَّقُوا: خَافُوا.
(وَأَطِيعُونِ) أَيْ فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ.
(يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) جُزِمَ يَغْفِرْ بِجَوَابِ الامر. ومِنْ صِلَةٌ زَائِدَةٌ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ كَوْنُهَا زَائِدَةً، لِأَنَّ مِنْ لَا تُزَادُ فِي الْوَاجِبِ، وَإِنَّمَا هِيَ هُنَا لِلتَّبْعِيضِ، وَهُوَ بَعْضُ الذُّنُوبِ، وَهُوَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْمَخْلُوقِينَ. وَقِيلَ: هِيَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ. وَفِيهِ بُعْدٌ، إِذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ جنس يليق به. وقال زيد ابن أَسْلَمَ: الْمَعْنَى يُخْرِجُكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ. ابْنُ شَجَرَةَ: الْمَعْنَى يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ مَا اسْتَغْفَرْتُمُوهُ مِنْهَا (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ يُنْسِئُ فِي أَعْمَارِكُمْ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَضَى قَبْلَ خَلْقِهِمْ أَنَّهُمْ إِنْ آمَنُوا بَارَكَ فِي أَعْمَارِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا عُوجِلُوا بِالْعَذَابِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُؤَخِّرُكُمْ إِلَى مُنْتَهَى آجَالِكُمْ فِي عَافِيَةٍ، فَلَا يُعَاقِبُكُمْ بِالْقَحْطِ وَغَيْرِهِ. فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا يُؤَخِّرُكُمْ مِنَ الْعُقُوبَاتِ وَالشَّدَائِدِ إِلَى آجَالِكُمْ. وَقَالَ: الزَّجَّاجُ أَيْ يُؤَخِّرُكُمْ عَنِ الْعَذَابِ فَتَمُوتُوا غَيْرَ مَوْتَةِ الْمُسْتَأْصَلِينَ بِالْعَذَابِ. وَعَلَى هَذَا قِيلَ: أَجَلٍ مُسَمًّى عِنْدَكُمْ تَعْرِفُونَهُ، لَا يُمِيتُكُمْ غَرَقًا وَلَا حَرْقًا وَلَا قَتْلًا، ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَجَلٍ مُسَمًّى عِنْدَ اللَّهِ.
(إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لَا يُؤَخَّرُ) أَيْ إِذَا جَاءَ الْمَوْتُ لَا يُؤَخَّرُ بِعَذَابٍ كَانَ أَوْ بِغَيْرِ عَذَابٍ. وَأَضَافَ الأجل إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَثْبَتَهُ. وَقَدْ يُضَافُ إِلَى الْقَوْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ [النحل: ٦١] لأنه مضروب لهم. ولَوْ بِمَعْنَى (إِنْ) أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَعَلِمْتُمْ أَنَّ أجل الله إذا جاءكم لم يؤخر.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["قَالَ یَـٰقَوۡمِ إِنِّی لَكُمۡ نَذِیرࣱ مُّبِینٌ","أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ وَأَطِیعُونِ","یَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَیُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَاۤءَ لَا یُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"],"ayah":"یَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَیُؤَخِّرۡكُمۡ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمًّىۚ إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَاۤءَ لَا یُؤَخَّرُۚ لَوۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}