الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ﴾ دَعَا لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَكَانَا مُؤْمِنَيْنِ. وَهُمَا: لَمْكُ [[في حاشية الجمل "لمك" بفتحتين أو بفتح فسكون. و "متوشلخ" بضم الميم وفتح التاء والواو وسكون الشين وكسر اللام. و "شمخى" بوزن سكرى.]] بْنُ مَتُّوشَلَخَ وَشَمْخَى بِنْتُ أَنُوشَ، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ وَالثَّعْلَبِيُّ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي اسْمِ أُمِّهِ مِنْجَلُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَرَادَ بِوَالِدَيْهِ أَبَاهُ وَجَدَّهُ. وَقَرَأَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ "لِوَالِدِي" بِكَسْرِ الدَّالِّ عَلَى الْوَاحِدِ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ عَشَرَةُ آبَاءَ كُلُّهُمْ مُؤْمِنُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَكْفُرْ لِنُوحٍ وَالِدٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آدَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) [[راجع ج ١ ص (٣٥١)]] أَيْ مَسْجِدِي وَمُصَلَّايَ مُصَلِّيًا مُصَدِّقًا بِاللَّهِ. وَكَانَ إِنَّمَا يَدْخُلُ بُيُوتَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ آمن منهم فجعل المسجد سببا للدعاء بالمغفرة. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ) الْحَدِيثَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَيْتِيَ مَسْجِدِي، حَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ وَقَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَيْ وَلِمَنْ دَخَلَ دِينِي، فَالْبَيْتُ بِمَعْنَى الدِّينِ، حَكَاهُ الْقُشَيْرِيُّ وَقَالَهُ جُوَيْبِرٌ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: يَعْنِي صَدِيقِي الدَّاخِلَ إِلَى مَنْزِلِي، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقِيلَ: أَرَادَ دَارِي. وَقِيلَ سَفِينَتِي. (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) عَامَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ. وَقِيلَ: مِنْ قَوْمِهِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ) أَيِ الْكَافِرِينَ. (إِلَّا تَباراً) إِلَّا هَلَاكًا، فَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ كَافِرٍ وَمُشْرِكٍ. وَقِيلَ: أَرَادَ مُشْرِكِي قَوْمِهِ. وَالتَّبَارُ: الْهَلَاكُ. وَقِيلَ: الْخُسْرَانُ، حَكَاهُمَا السُّدِّيُّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ [[راجع ج ٧ ص ٢٧٣.]] [الأعراف: ١٣٩]. وَقِيلَ: التَّبَارُ الدَّمَارُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بذلك. وهو الموفق للصواب. تم بعون الله الجزء الثامن عَشَرَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ، يَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى الجزء التاسع عشر، وأوله: "سورة (الجن). بعون الله وجميل توفيقه، قد تم طبع الجزء الثامن عشر من" تفسير القرطبي" بمطبعة دار الكتب والوثائق القومية في شهر صفر سنة ١٣٨٦ هـ (مايو سنة ١٩٦٦) محمد حمدي جنيدي رئيس المطبعة [الجزء التاسع عشر]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب