الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَعَقَرُوا النَّاقَةَ﴾ الْعَقْرُ الْجَرْحُ. وَقِيلَ: قَطْعُ عُضْوٍ يُؤَثِّرُ فِي النَّفْسِ. وَعَقَرْتُ الْفَرَسَ: إِذَا ضَرَبْتُ قَوَائِمَهُ بِالسَّيْفِ. وَخَيْلٌ عَقْرَى. وَعَقَرْتُ ظَهْرَ الدَّابَّةِ: إِذَا أَدْبَرْتُهُ. قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ: تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الْغَبِيطُ بِنَا مَعًا ... عَقَرْتَ بَعِيرِي يَا امْرَأَ الْقَيْسِ فَانْزِلِ أَيْ جَرَحْتَهُ وَأَدْبَرْتَهُ قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الْعَقْرُ كَشْفُ [[في ج وك: كسر.]] عُرْقُوبِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ قِيلَ لِلنَّحْرِ عَقْرٌ، لِأَنَّ الْعَقْرَ سَبَبُ النَّحْرِ فِي الْغَالِبِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي عَاقِرِ النَّاقَةِ عَلَى أَقْوَالٍ. أَصَحُّهَا مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ، خَطَبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذُكِرَ النَّاقَةَ وَذَكَرَ الَّذِي عَقَرَهَا فَقَالَ: (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ [[عارم: أي خبيث شرير.]] مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ [[في ج: أهله.]] مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ) وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقِيلَ فِي اسْمِهِ: قُدَارُ بْنُ سَالِفٍ. وَقِيلَ: إِنَّ مُلْكَهُمْ كَانَ إِلَى امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا مُلْكِي، فَحَسَدَتْ صَالِحًا لَمَّا مَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَقَالَتْ لِامْرَأَتَيْنِ كَانَ لَهُمَا خَلِيلَانِ يَعْشَقَانِهِمَا: لَا تُطِيعَاهُمَا وَاسْأَلَاهُمَا عَقْرَ النَّاقَةِ، فَفَعَلَتَا. وَخَرَجَ الرَّجُلَانِ وَأَلْجَآ النَّاقَةَ إِلَى مَضِيقٍ وَرَمَاهَا أَحَدُهُمَا بِسَهْمٍ وَقَتَلَاهَا. وَجَاءَ السَّقْبُ وَهُوَ وَلَدُهَا إِلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي خَرَجَتِ الناقة منها فرغا ثلاثا وانفجرت الصَّخْرَةُ فَدَخَلَ فِيهَا. وَيُقَالُ: إِنَّهُ الدَّابَّةُ الَّتِي تَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عَلَى النَّاسِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" النَّمْلِ [[راجع ج ١٣ ص ٣٣٤. وص ٢١٥.]] ". وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَتْبَعَ السَّقْبُ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِمَّنْ كَانَ عَقَرَ النَّاقَةَ، مِصْدَعٌ وَأَخُوهُ ذُؤَابٌ [[كذا في الأصول.]]. فَرَمَاهُ مِصْدَعٌ بِسَهْمٍ فَانْتَظَمَ قَلْبَهُ [[انتظم الصيد: إذا طعنه أو رماه حتى ينفذه.]]، ثُمَّ جَرَّهُ بِرِجْلِهِ فَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ، وَأَكَلُوهُ مَعَهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَإِنَّ صَالِحًا قَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ بَقِيَ مِنْ عُمْرِكُمْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلِهَذَا رَغَا ثَلَاثًا. وَقِيلَ: عَقَرَهَا عَاقِرُهَا وَمَعَهُ ثَمَانِيَةُ رِجَالٍ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ:" وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ [[راجع ج ١٣ ص ٣٣٤. وص ٢١٥.]] "عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي" النَّمْلِ". وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ" فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ [[راجع ج ١٧ ص ١٤٠.]] ". وَكَانُوا يَشْرَبُونَ فَأَعْوَزَهُمُ الْمَاءُ لِيَمْزُجُوا شَرَابَهُمْ، وَكَانَ يَوْمَ لَبَنِ النَّاقَةِ، فَقَامَ أَحَدُهُمْ وَتَرَصَّدَ النَّاسَ وَقَالَ: لَأُرِيحَنَّ النَّاسَ مِنْهَا، فَعَقَرَهَا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ﴾ أَيِ اسْتَكْبَرُوا. عَتَا يَعْتُو عُتُوًّا أَيِ اسْتَكْبَرَ. وَتَعَتَّى فُلَانٌ إِذَا لَمْ يُطِعْ. والليل العاتي: الشديد الظلمة، عن الخليل. (وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) أَيْ مِنَ الْعَذَابِ. (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أَيِ الزَّلْزَلَةُ الشَّدِيدَةُ. وَقِيلَ: كَانَ صَيْحَةً شَدِيدَةً خَلَعَتْ [[في ب: تقطت.]] قُلُوبَهُمْ، كَمَا (فِي [[من ج وز وك وى.]] قِصَّةِ ثَمُودَ) فِي سُورَةِ" هُودٍ [[راجع ج ٩ ص ٥٩.]] "فِي قِصَّةِ ثَمُودَ فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة. يقال: رجف الشيء يرجف رجفا رجفانا. وَأَرْجَفَتِ الرِّيحُ الشَّجَرَ حَرَّكَتْهُ. وَأَصْلُهُ حَرَكَةٌ مَعَ صَوْتٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى" يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ [[راجع ج ١٩ ص ١٨٨.]] " قَالَ الشَّاعِرُ: وَلَمَّا رَأَيْتُ الْحَجَّ قَدْ آنَ وَقْتُهُ ... وَظَلَّتْ مَطَايَا الْقَوْمِ بِالْقَوْمِ تَرْجُفُ (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) أَيْ بَلَدِهِمْ. وَقِيلَ: وُحِّدَ عَلَى طَرِيقِ الْجِنْسِ، وَالْمَعْنَى: فِي دُورِهِمْ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: "فِي دِيارِهِمْ" أَيْ فِي مَنَازِلِهِمْ. (جاثِمِينَ) أَيْ لَاصِقِينَ بِالْأَرْضِ عَلَى رُكَبِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ، كَمَا يَجْثُمُ الطَّائِرُ أَيْ صَارُوا خَامِدِينَ مِنْ شِدَّةِ الْعَذَابِ. وَأَصْلُ الْجُثُومِ لِلْأَرْنَبِ وَشَبَهِهَا، وَالْمَوْضِعُ مَجْثَمٌ. قَالَ زُهَيْرٌ: بِهَا الْعِينُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً ... وَأَطْلَاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثِمِ [[العين بكسر أوله: البقر واحدها أعين وعيناه. والآرام. الظباء والأطلاء: أولادها، الواحد طلا. وخلفة: فوج بعد فوج. وقيل: مختلفة، هذه مقبلة وهذه مدبرة، وهذه صاعدة وهذه نازلة. (عن شرح المعلقات).]] وَقِيلَ: احْتَرَقُوا بِالصَّاعِقَةِ فَأَصْبَحُوا مَيِّتِينَ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا كَانَ فِي حَرَمِ اللَّهِ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ أَصَابَهُ مَا أَصَابَ قَوْمَهُ. (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) أي عند اليأس منهم. (وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ قال بَعْدَ مَوْتِهِمْ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَتْلَى بَدْرٍ: (هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) فَقِيلَ: أَتُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ الْجِيَفَ؟ فَقَالَ: (مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْجَوَابِ). وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. يَدُلُّ عَلَيْهِ (وَلكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) أي لم تقبلوا نصحي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب