الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً﴾ أَيْ وَأَرْسَلْنَا إِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيِ ابْنُ أَبِيهِمْ. وَقِيلَ: أَخَاهُمْ فِي الْقَبِيلَةِ. وَقِيلَ: أي بشرا من بني أبيهم آدم. وَفِي مُصَنَّفِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ أَخَاهُمْ هُودًا أَيْ صَاحِبُهُمْ. وَعَادٌ مِنْ وَلَدِ سَامَ بْنِ نُوحٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَعَادٌ هُوَ ابْنُ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ شالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَهُودٌ هُوَ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ الْجُلُودِ بْنِ عَادِ بْنِ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ. بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى عَادٍ نَبِيًّا. وَكَانَ مِنْ أَوْسَطِهِمْ نَسَبًا وَأَفْضَلِهِمْ حَسَبًا. وَ "عادٍ" مَنْ لَمْ يَصْرِفْهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْقَبِيلَةِ، وَمَنْ صَرَفَهُ جَعَلَهُ اسْمًا لِلْحَيِّ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَفِي حَرْفِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ "عَادَ الْأُولَى»" بِغَيْرِ أَلِفٍ. وَ "هُودٌ" أَعْجَمِيٌّ، وَانْصَرَفَ لِخِفَّتِهِ، لِأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا مُشْتَقًّا مِنْ هَادَ يَهُودُ. وَالنَّصْبُ عَلَى الْبَدَلِ. وَكَانَ بَيْنَ هُودٍ وَنُوحٍ فِيمَا ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ سَبْعَةُ آبَاءٍ. وَكَانَتْ عَادٌ فِيمَا رُوِيَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَبِيلَةً، يَنْزِلُونَ الرِّمَالَ، رَمْلَ عَالِجَ. وَكَانُوا أَهْلَ بَسَاتِينَ وَزُرُوعٍ وَعِمَارَةٍ، وَكَانَتْ بِلَادُهُمْ أَخْصَبَ الْبِلَادِ، فَسَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَهَا مَفَاوِزَ. وَكَانَتْ فِيمَا رُوِيَ بِنَوَاحِي حَضْرَمَوْتَ إِلَى الْيَمَنِ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ. وَلَحِقَ هُودٌ حِينَ أُهْلِكَ قَوْمُهُ بِمَنْ آمَنَ مَعَهُ بِمَكَّةَ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى مَاتُوا. (إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) أَيْ فِي حُمْقِ وَخِفَّةِ عَقْلٍ. قَالَ [[هو ذو الرمة. بصف نسوة.]]: مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيَهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي" الْبَقَرَةِ [[هو ذو الرمة. بصف نسوة.]] ". وَالرُّؤْيَةُ هُنَا وَفِي قِصَّةِ نُوحٍ قِيلَ: هِيَ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَصَرِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الرَّأْيُ الَّذِي هُوَ أَغْلَبُ الظَّنِّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ﴾ "خُلَفاءَ" جَمْعُ خَلِيفَةٍ عَلَى التَّذْكِيرِ وَالْمَعْنَى، وَخَلَائِفُ عَلَى اللَّفْظِ. مَنَّ عَلَيْهِمْ بِأَنْ جَعَلَهُمْ سُكَّانَ الْأَرْضِ بَعْدَ قَوْمِ نُوحٍ. (وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) ويجوز "بسطة" بِالصَّادِ لِأَنَّ بَعْدَهَا طَاءً، أَيْ طُولًا فِي الْخَلْقِ وَعِظَمِ الْجِسْمِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ أَطْوَلُهُمْ مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَأَقْصَرُهُمْ سِتِّينَ ذِرَاعًا. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ كَانَتْ عَلَى خَلْقِ آبَائِهِمْ. وَقِيلَ: عَلَى خَلْقِ قَوْمِ نُوحٍ. قَالَ وَهْبٌ: كَانَ رَأْسُ أحدهم مِثْلَ قُبَّةٍ عَظِيمَةٍ، وَكَانَ عَيْنُ الرَّجُلِ يُفَرِّخُ فِيهَا السِّبَاعُ، وَكَذَلِكَ مَنَاخِرُهُمْ. وَرَوَى شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ قَوْمِ عَادٍ يَتَّخِذُ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ حِجَارَةٍ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا خَمْسُمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَمْ يُطِيقُوهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَغْمِزُ بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَتَدْخُلُ فِيهَا. (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ) أَيْ نِعَمَ اللَّهِ، وَاحِدُهَا إِلًى وَإِلْيٌ وَإِلْوٌ وَأَلًى. كَالْآنَاءِ وَاحِدُهَا إِنًى وَإِنْيٌ وَإِنْوٌ وأنى. (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) تقدم [[راجع ج ١ ص ١٨١.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب