الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي﴾ الِاصْطِفَاءُ: الِاجْتِبَاءُ، أَيْ فَضَّلْتُكَ. وَلَمْ يَقُلْ عَلَى الْخَلْقِ، لِأَنَّ مِنْ هَذَا الِاصْطِفَاءِ أَنَّهُ كَلَّمَهُ وَقَدْ كَلَّمَ الْمَلَائِكَةَ وَأَرْسَلَهُ وَأَرْسَلَ غَيْرَهُ. فَالْمُرَادُ "عَلَى النَّاسِ" الْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ. وَقَرَأَ "بِرِسَالَتِي" عَلَى الْإِفْرَادِ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ. وَالْبَاقُونَ بِالْجَمْعِ. وَالرِّسَالَةُ مَصْدَرٌ، فَيَجُوزُ إِفْرَادُهَا. وَمَنْ جَمَعَ عَلَى أَنَّهُ أُرْسِلَ بِضُرُوبٍ مِنَ الرِّسَالَةِ فَاخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا، فَجُمِعَ الْمَصْدَرُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، كَمَا قَالَ:" إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [[راجع ج ١٤ ص ٧١.]] ". فَجَمَعَ لِاخْتِلَافِ أَجْنَاسِ الْأَصْوَاتِ وَاخْتِلَافِ المصوتين. ووحد في قوله "الصوت" لَمَّا أَرَادَ بِهِ جِنْسًا وَاحِدًا مِنَ الْأَصْوَاتِ. وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ قَوْمَهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي التَّكْلِيمِ وَلَا وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعِينَ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي" الْبَقَرَةِ [[راجع ج ١ ص ٤٠٣.]] ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ﴾ إِشَارَةٌ إِلَى الْقَنَاعَةِ، أَيِ اقْنَعْ بِمَا أَعْطَيْتُكَ. (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) أَيْ مِنَ الْمُظْهِرِينَ لِإِحْسَانِي إِلَيْكَ وَفَضْلِي عَلَيْكَ، يُقَالُ: دَابَّةٌ شَكُورٌ إِذَا ظَهَرَ عَلَيْهَا مِنَ السِّمَنِ فَوْقَ مَا تُعْطَى مِنَ الْعَلَفِ. وَالشَّاكِرُ مُعَرَّضٌ لِلْمَزِيدِ كَمَا قَالَ:" لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [[راجع ج ٩ ص ٣٤٢.]] ". وَيُرْوَى أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَكَثَ بَعْدَ أَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لَا يَرَاهُ أَحَدٌ إِلَّا مات من نور الله عز وجل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب