الباحث القرآني

تَأَدَّبُوا مَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ إِيمَانِهِمْ. وَ "أَنْ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عِنْدَ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ، عَلَى مَعْنَى إِمَّا أَنْ تَفْعَلَ الْإِلْقَاءَ. وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: قَالُوا الرُّكُوبَ فَقُلْنَا تِلْكَ عَادَتُنَا [[هذا صدر بيت وتمامه: أو النزول فإنا معشر نزل. في ب: فقلت تلك.]] قَالَ أَلْقُوا قَالَ الْفَرَّاءُ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ. وَالْمَعْنَى: قَالَ لَهُمْ مُوسَى إِنَّكُمْ لَنْ تَغْلِبُوا رَبَّكُمْ وَلَنْ تُبْطِلُوا آيَاتِهِ. وَهَذَا مِنْ مُعْجِزِ الْقُرْآنِ الَّذِي لَا يَأْتِي مِثْلُهُ فِي كَلَامِ النَّاسِ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ. يَأْتِي اللَّفْظُ الْيَسِيرُ بِجَمْعِ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ. وَقِيلَ: هُوَ تهديد. أي ابتدءوا بِالْإِلْقَاءِ، فَسَتَرَوْنَ مَا يَحِلُّ بِكُمْ مِنَ الِافْتِضَاحِ، إذا لَا يَجُوزُ عَلَى مُوسَى أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالسِّحْرِ. وَقِيلَ: أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ لِيُبَيِّنَ كَذِبَهُمْ وَتَمْوِيهَهُمْ. (فَلَمَّا أَلْقَوْا) أَيِ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ) أَيْ خَيَّلُوا لَهُمْ وَقَلَبُوهَا عَنْ صِحَّةِ إِدْرَاكِهَا، بِمَا يُتَخَيَّلُ مِنَ التَّمْوِيهِ الَّذِي جَرَى مَجْرَى الشَّعْوَذَةِ وَخِفَّةِ الْيَدِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَقَرَةِ [[راجع ج ٢ ص ٤٣.]] بَيَانُهُ. وَمَعْنَى (عَظِيمٍ) أَيْ عِنْدَهُمْ، لِأَنَّهُ كَانَ كَثِيرًا وَلَيْسَ بِعَظِيمٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ الِاجْتِمَاعُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَبَلَغَ ذَنَبُ الْحَيَّةِ وَرَاءَ الْبُحَيْرَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: وَفَتَحَتْ فَاهَا فَجَعَلَتْ تَلْقَفُ- أَيْ تَلْتَقِمُ- مَا أَلْقَوْا مِنْ حِبَالِهِمْ وَعِصِيِّهِمْ. وَقِيلَ: كَانَ مَا أَلْقَوْا حِبَالًا مِنْ أَدَمٍ فِيهَا زِئْبَقٌ فَتَحَرَّكَتْ وَقَالُوا هَذِهِ حَيَّاتٌ. وَقَرَأَ حَفْصٌ "تَلْقَفُ" بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَالتَّخْفِيفِ. جَعَلَهُ مُسْتَقْبَلَ لَقِفَ يَلْقَفُ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ "تِلْقَفُ" لِأَنَّهُ مِنْ لَقِفَ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْحِ اللَّامِ، وَجَعَلُوهُ مُسْتَقْبَلَ تَلَقَّفُ، فَهِيَ تَتَلَقَّفُ. يُقَالُ: لَقِفْتُ الشَّيْءَ وَتَلَقَّفْتُهُ إِذَا أخذته أو بلعته. تلقف وتلقم وَتَلْهَمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَبَلَغَنِي فِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ "تَلَقَّمَ" بِالْمِيمِ وَالتَّشْدِيدِ. قَالَ الشَّاعِرُ: أَنْتَ عَصَا مُوسَى الَّتِي لَمْ تَزَلْ ... تَلْقَمُ مَا يَأْفِكُهُ السَّاحِرُ وَيُرْوَى: تَلَقَّفُ. (مَا يَأْفِكُونَ) أَيْ مَا يَكْذِبُونَ، لِأَنَّهُمْ جَاءُوا بِحِبَالٍ وجعلوا فيها زئبقا حتى، تحركت.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب