الباحث القرآني

ضَرَبَ مَثَلًا لِلْيَهُودِ لَمَّا تَرَكُوا الْعَمَلَ بِالتَّوْرَاةِ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ. حُمِّلُوا التَّوْراةَ أَيْ كُلِّفُوا الْعَمَلَ بِهَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: هُوَ مِنَ الْحَمَالَةِ بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ، أَيْ ضَمِنُوا أَحْكَامَ التَّوْرَاةِ. (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) هِيَ جَمْعُ سِفْرٍ، وَهُوَ الْكِتَابُ الْكَبِيرُ، لِأَنَّهُ يُسْفِرُ عَنِ الْمَعْنَى إِذَا قُرِئَ. قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: الْحِمَارُ لَا يَدْرِي أَسِفْرٌ عَلَى ظَهْرِهِ أَمْ زبيل، [[في ح، ز، س، هـ: "أم ز بل".]] فَهَكَذَا الْيَهُودُ. وَفِي هَذَا تَنْبِيهٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ حَمَلَ الْكِتَابَ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَعَانِيَهُ وَيَعْلَمَ مَا فِيهِ، لِئَلَّا يَلْحَقَهُ مِنَ الذَّمِّ ما لحق هؤلاء. وقال الشاعر: [[هو مَرْوَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي حفصة، يهجو قوما من رواة الشعر.]] زوامل للأسفار لا علم عندهم ... وبجيدها إِلَّا كَعِلْمِ الْأَبَاعِرِ لَعَمْرُكَ مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إِذَا غَدَا ... بِأَوْسَاقِهِ [[الوسق (بفتح الواو وسكون السين): حمل البعير.]] أَوْ رَاحَ مَا فِي الْغَرَائِرِ [[الغرائر: جمع الغرارة (بالكسر) الجوالق.]] وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَمَانَ: يَكْتُبُ أَحَدُهُمُ الْحَدِيثَ وَلَا يَتَفَهَّمُ وَلَا يَتَدَبَّرُ، فَإِذَا سُئِلَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ جَلَسَ كَأَنَّهُ مُكَاتَبٌ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: إِنَّ الرُّوَاةَ عَلَى جَهْلٍ بِمَا حَمَلُوا ... مِثْلَ الْجِمَالِ عَلَيْهَا يُحْمَلُ الْوَدَعُ لَا الْوَدْعُ يَنْفَعُهُ حَمْلُ الْجِمَالِ لَهُ ... وَلَا الْجِمَالُ بِحَمْلِ الْوَدْعِ تَنْتَفِعُ وَقَالَ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَحْسَنَ: انْعِقْ بِمَا شِئْتَ تَجِدْ أنصارا ... ووزم أَسْفَارًا تَجِدْ حِمَارَا يَحْمِلُ مَا وَضَعْتَ مِنْ أَسْفَارٍ ... يَحْمِلُهُ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا لَهُ وَمَا دَرَى ... إِنْ كَانَ مَا فِيهَا صَوَابًا وخطاء [[كذا في الأصول، مع هذه الزيادة التي يستقيم بها الوزن. ويحتمل أن يكون صوابه: أكان ما فيها جمانا أو بري والجمان (بالضم): اللؤلؤ. والبرى: التراب.]] إِنْ سُئِلُوا قَالُوا كَذَا رَوَيْنَا ... مَا إِنْ كَذَبْنَا وَلَا اعْتَدَيْنَا كَبِيرُهُمْ يَصْغُرُ عِنْدَ الْحَفْلِ ... لِأَنَّهُ قَلَّدَ [[في نسخة: "قدر".]] أَهْلَ الْجَهْلِ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها أَيْ لَمْ يَعْمَلُوا بِهَا. شَبَّهَهُمْ- وَالتَّوْرَاةُ فِي أَيْدِيهِمْ وَهُمْ لَا يَعْمَلُونَ بِهَا- بِالْحِمَارِ يَحْمِلُ كُتُبًا وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا ثِقْلُ الْحَمْلِ مِنْ غير فائدة. ويَحْمِلُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَيْ حَامِلًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ عَلَى الْوَصْفِ، لِأَنَّ الْحِمَارَ كَاللَّئِيمِ. قَالَ: وَلَقَدْ أَمُرُّ على اللئيم يسبني [[وتمامه: فضيت ثمت قلت لا يعنيني]] (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ) الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبْنَاهُ لَهُمْ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ يَكُونُ كافرا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب