الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ أَيْ سَتَرَهُ بِظُلْمَتِهِ، وَمِنْهُ الْجَنَّةُ وَالْجِنَّةُ وَالْجُنَّةُ وَالْجَنِينُ وَالْمِجَنُّ وَالْجِنُّ كُلُّهُ بِمَعْنَى السِّتْرِ. وَجَنَانُ اللَّيْلِ ادْلِهْمَامُهُ وَسِتْرُهُ. قَالَ الشَّاعِرُ [[هو دريد بن الصمة، وقيل: هو لخفاف بن ندبة (عن اللسان).]]:
وَلَوْلَا جَنَانُ اللَّيْلِ أَدْرَكَ رَكْضَنَا ... بِذِي الرَّمْثِ وَالْأَرْطَى [[الرمث (بالكسر): مرعى من مراعى الإبل، واسم واد لبنى أسد. والأرطى (جمع أرطاة): شجر ينبت بالرمل.]] عِيَاضِ بْنِ نَاشِبِ
وَيُقَالُ: جُنُونُ اللَّيْلِ أَيْضًا. وَيُقَالُ: جَنَّهُ اللَّيْلُ وَأَجَنَّهُ اللَّيْلُ لُغَتَانِ.
(رَأى كَوْكَباً) هَذِهِ قِصَّةٌ أُخْرَى، غَيْرُ قِصَّةِ عَرْضِ الْمَلَكُوتِ عَلَيْهِ. فَقِيلَ: رَأَى ذَلِكَ مِنْ شِقِّ الصَّخْرَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى رَأْسِ السَّرَبِ. وَقِيلَ: لَمَّا أَخْرَجَهُ أَبُوهُ مِنَ السَّرَبِ وَكَانَ وَقْتَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ فَرَأَى الْإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالْغَنَمَ فَقَالَ: لَا بُدَّ لَهَا مِنْ رَبٍّ. وَرَأَى الْمُشْتَرِيَ أَوِ الزُّهْرَةَ ثُمَّ الْقَمَرَ ثُمَّ الشَّمْسَ، وَكَانَ هَذَا فِي آخِرِ الشَّهْرِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقِيلَ: ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ. وَقِيلَ: لَمَّا حَاجَّ نُمْرُوذًا كَانَ ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قالَ هَذَا رَبِّي﴾ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: كَانَ هَذَا مِنْهُ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ وَحَالِ الطُّفُولِيَّةِ وَقَبْلَ قِيَامِ الْحُجَّةِ، وَفِي تِلْكَ الْحَالِ لَا يَكُونُ كُفْرٌ وَلَا إِيمَانٌ. فَاسْتَدَلَّ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هَذَا رَبِّي" فَعَبَدَهُ حَتَّى غَابَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ والقمر، فلما تم نظره قال: "إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ" وَاسْتَدَلَّ بِالْأُفُولِ، لِأَنَّهُ أَظْهَرُ الْآيَاتِ عَلَى الْحُدُوثِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا لَا يَصِحُّ، وَقَالُوا: غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى رَسُولٌ يَأْتِي عَلَيْهِ وَقْتٌ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَّا وَهُوَ لِلَّهِ تَعَالَى مُوَحِّدٌ وَبِهِ عَارِفٌ، وَمِنْ كل معبود سواه برئ. قَالُوا: وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُتَوَهَّمَ هَذَا عَلَى مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَآتَاهُ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ، وَأَرَاهُ مَلَكُوتَهُ لِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ بِالْخُلُوِّ عَنِ الْمَعْرِفَةِ، بَلْ عَرَفَ الرَّبَّ أَوَّلَ النَّظَرِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا الْجَوَابُ عندي خطأ وغلط ممن قال، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ:" وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ [[راجع ج ٩ ص ٣٦٧.]] "وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ:" إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [[راجع ج ١٥ ص ٩١.]] "أَيْ لَمْ يُشْرِكْ بِهِ قَطُّ. قَالَ: وَالْجَوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ قَالَ" هَذَا رَبِّي "عَلَى قَوْلِكُمْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:" أَيْنَ شُرَكائِيَ [[راجع ج ١٠ ص ٩٧.]] "وَهُوَ جَلَّ وعلا واحد لا شريك له. والمعنى: ابن شُرَكَائِي عَلَى قَوْلِكُمْ. وَقِيلَ: لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ السَّرَبِ رَأَى ضَوْءَ الْكَوْكَبِ وَهُوَ طَالِبٌ لِرَبِّهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ ضَوْءُهُ قَالَ:" هَذَا رَبِّي" أَيْ بِأَنَّهُ يَتَرَاءَى لِي نُورُهُ.
(فَلَمَّا أَفَلَ) عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَبِّهِ. "فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً" وَنَظَرَ إِلَى ضَوْئِهِ "قالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذَا رَبِّي" وَلَيْسَ هَذَا شِرْكًا. إِنَّمَا نَسَبَ ذَلِكَ الضَّوْءَ إِلَى رَبِّهِ فَلَمَّا رَآهُ زَائِلًا [[في ك: آفلا.]] دَلَّهُ الْعِلْمُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِذَلِكَ، فَنَفَاهُ بِقَلْبِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ مَرْبُوبٌ وَلَيْسَ بِرَبٍّ. وَقِيلَ: إِنَّمَا قَالَ "هَذَا رَبِّي" لِتَقْرِيرِ الْحُجَّةِ عَلَى قَوْمِهِ فَأَظْهَرَ مُوَافَقَتَهُمْ، فَلَمَّا أَفَلَ النَّجْمُ قَرَّرَ الْحُجَّةَ وَقَالَ: مَا تَغَيَّرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَبًّا. وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ النُّجُومَ وَيَعْبُدُونَهَا وَيَحْكُمُونَ بِهَا. وَقَالَ النَّحَّاسُ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي هَذَا مَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" نُورٌ عَلى نُورٍ [[راجع ج ١٢ ص ٢٥٥.]] "قَالَ: كَذَلِكَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ يَعْرِفُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ بِقَلْبِهِ، فَإِذَا عَرَفَهُ ازْدَادَ نُورًا عَلَى نُورٍ، وَكَذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَرَفَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَلْبِهِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِدَلَائِلِهِ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا وَخَالِقًا. فَلَمَّا عَرَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنَفْسِهِ ازْدَادَ مَعْرِفَةً فَقَالَ:" أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ "وَقِيلَ: هُوَ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ وَالتَّوْبِيخِ، مُنْكِرًا لفعلهم. والمعنى: أهذا ربي، أو مثل هَذَا يَكُونُ رَبًّا؟ فَحَذَفَ الْهَمْزَةَ. وَفِي التَّنْزِيلِ" أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [[راجع ج ١١ ص ٢٨٧.]] " أَيْ أَفَهُمُ الْخَالِدُونَ. وَقَالَ الْهُذَلِيُّ [[هو أبو خراش. رفوته سكنه من الرعب.]]:
رَفَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَا تُرَعْ ... فَقُلْتُ وأنكرت الوجوه هم هم
آخَرُ [[هو عمر بن أبى ربيعة.]]:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وَإِنْ كُنْتُ دَارِيًا ... بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الْجَمْرَ أَمْ بِثَمَانِ
وَقِيلَ: الْمَعْنَى هَذَا رَبِّي عَلَى زَعْمِكُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:" أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [[راجع ج ١٣ ص ٣٠٨.]] "وَقَالَ:" ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [[راجع ج ١٦ ص ١٥١.]] " أَيْ عِنْدَ نَفْسِكَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَيْ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ هَذَا رَبِّي، فَأُضْمِرَ الْقَوْلُ، وَإِضْمَارُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى فِي هَذَا رَبِّي، أَيْ هَذَا دَلِيلٌ على ربي.
{"ayah":"فَلَمَّا جَنَّ عَلَیۡهِ ٱلَّیۡلُ رَءَا كَوۡكَبࣰاۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَاۤ أُحِبُّ ٱلۡـَٔافِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق