الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾ أَيِ الَّتِي تَقْطَعُ عُذْرَ الْمَحْجُوجِ، وَتُزِيلُ الشَّكَّ عَمَّنْ نَظَرَ فِيهَا. فَحُجَّتُهُ الْبَالِغَةُ عَلَى هَذَا تَبْيِينُهُ أَنَّهُ الْوَاحِدُ، وَإِرْسَالُهُ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ، فَبَيَّنَ التَّوْحِيدَ بِالنَّظَرِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَيَّدَ الرُّسُلَ بِالْمُعْجِزَاتِ، وَلَزِمَ أَمْرُهُ كُلَّ مُكَلَّفٍ. فَأَمَّا عِلْمُهُ وَإِرَادَتُهُ وَكَلَامُهُ فَغَيْبٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ. وَيَكْفِي فِي التَّكْلِيفِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بِحَيْثُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ لَأَمْكَنَهُ. وَقَدْ لَبَّسَتِ المعتزلة بقول: "لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنا" فَقَالُوا: قَدْ ذَمَّ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلُوا شِرْكَهُمْ عَنْ مَشِيئَتِهِ. وَتَعَلُّقُهُمْ بِذَلِكَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا ذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ اجْتِهَادِهِمْ فِي طَلَبِ الْحَقِّ. وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْهَزْءِ وَاللَّعِبِ. نَظِيرُهُ" وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ مَا عَبَدْناهُمْ [[راجع ج ١٦ ص ٧٣.]] ". وَلَوْ قَالُوهُ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَالْمَعْرِفَةِ بِهِ لَمَا عَابَهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يقول:" لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكُوا [[راجع ص ٦٠ و٦٦. من هذا الجزء.]] ". و" مَا كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [[راجع ص ٦٠ و٦٦. من هذا الجزء.]] "." وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ [[راجع ج ١٠ ص ٨١.]] ". وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ. فَالْمُؤْمِنُونَ يقولونه لعلم منهم بالله تعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب