الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً﴾ عَطْفٌ (عَلَى مَا [[من ك.]] تَقَدَّمَ) أَيْ وَأَنْشَأَ حَمُولَةً وَفَرْشًا مِنَ الْأَنْعَامِ. وَلِلْعُلَمَاءِ فِي الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا- أَنَّ الْأَنْعَامَ الْإِبِلُ خَاصَّةً، وَسَيَأْتِي فِي" النَّحْلِ [[راجع ج ١٠ ص ٦٨.]] "بَيَانُهُ. الثَّانِي- أَنَّ الْأَنْعَامَ الْإِبِلُ وَحْدَهَا، وَإِذَا كَانَ مَعَهَا بَقَرٌ وَغَنَمٌ فهي أنعام أيضا. الثالث- وهو أصحها قال أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: الْأَنْعَامُ كُلُّ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْحَيَوَانِ. وَيَدُلُّ عَلَى صحة هذا قول تَعَالَى:" أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ [[راجع ج ٦ ص ٣٣.]] " وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْحَمُولَةُ مَا أَطَاقَ الْحَمْلَ وَالْعَمَلَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ قِيلَ: يَخْتَصُّ اللَّفْظُ بِالْإِبِلِ. وَقِيلَ: كُلُّ مَا احْتَمَلَ عَلَيْهِ الْحَيَّ مِنْ حِمَارٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ بَعِيرٍ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ عليه الأحمال أو لم تكن. قَالَ عَنْتَرَةُ: مَا رَاعَنِي إِلَّا حَمُولَةُ أَهْلِهَا ... وَسْطَ الدِّيَارِ تَسُفُّ حَبَّ الْحِمْحِمِ [[الحمحم (بكسر الحاء ويقال بلخاء): نبات تعلف حبه الإبل.]] وَفَعُولَةٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ اسْتَوَى فِيهَا الْمُؤَنَّثُ وَالْمُذَكَّرُ، نَحْوَ قَوْلِكَ: رَجُلٌ فَرُوقَةٌ وَامْرَأَةٌ فَرُوقَةٌ لِلْجَبَانِ وَالْخَائِفِ. وَرَجُلٌ صَرُورَةٌ وَامْرَأَةٌ صَرُورَةٌ إِذَا لَمْ يَحُجَّا، وَلَا جَمْعَ لَهُ. فَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ فُرِّقَ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِالْهَاءِ كَالْحَلُوبَةِ وَالرَّكُوبَةِ. وَالْحُمُولَةُ (بِضَمِّ الْحَاءِ): الْأَحْمَالُ. وَأَمَّا الْحُمُولُ (بِالضَّمِّ بِلَا هَاءٍ) فَهِيَ الْإِبِلُ الَّتِي عَلَيْهَا الْهَوَادِجُ، كَانَ فِيهَا نِسَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ. "وَفَرْشاً" قَالَ الضَّحَّاكُ: الْحَمُولَةُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ. النحاس: واستشهد لصاحب هذا القول بقول: "ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ" قَالَ: فَ "ثَمانِيَةَ" بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: "حَمُولَةً وَفَرْشاً". وَقَالَ الْحَسَنُ: الْحَمُولَةُ الْإِبِلُ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْحَمُولَةُ كُلُّ مَا حَمَلَ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ. وَالْفَرْشُ: الْغَنَمُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْحَمُولَةُ ما يركب، والفرش ما يؤكل لحمه ومحلب، مِثْلَ الْغَنَمِ وَالْفِصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ، سُمِّيَتْ فَرْشًا لِلَطَافَةِ أَجْسَامِهَا وَقُرْبِهَا مِنَ الْفَرْشِ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي يَتَوَطَّؤُهَا النَّاسُ. قَالَ الرَّاجِزُ: أَوْرَثَنِي حَمُولَةً وَفَرْشًا ... أَمُشُّهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَشًّا [[مش الناقة يمشها مشا: حلبها.]] وَقَالَ آخَرُ: وَحَوَيْنَا الْفَرْشَ مِنْ أَنْعَامِكُمْ ... وَالْحُمُولَاتِ وَرَبَّاتِ الْحَجَلِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَمْ أَسْمَعْ لَهُ بِجَمْعٍ. قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا سُمِّيَ بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَشَهَا اللَّهُ فَرْشًا، أَيْ بَثَّهَا بَثًّا. وَالْفَرْشُ: الْمَفْرُوشُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ. وَالْفَرْشُ: الزَّرْعُ إِذَا فُرِشَ. وَالْفَرْشُ: الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ. وَالْفَرْشُ فِي رِجْلِ الْبَعِيرِ: اتِّسَاعٌ قَلِيلٌ، وَهُوَ مَحْمُودٌ. وَافْتَرَشَ الشَّيْءَ انْبَسَطَ، فَهُوَ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ. وَقَدْ يرجع قول تَعَالَى: "وَفَرْشاً" إِلَى هَذَا. قَالَ النَّحَّاسُ: وَمِنْ أَحْسَنَ مَا قِيلَ فِيهِمَا أَنَّ الْحَمُولَةَ الْمُسَخَّرَةُ الْمُذَلَّلَةُ لِلْحَمْلِ. وَالْفَرْشَ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وجل من الجلود والصوف مما يجلس ويتمهد. وباقى الآية قد تقدم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب