الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ﴾ أَيْ غِلْمَانٌ لَا يَمُوتُونَ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. الْحَسَنُ وَالْكَلْبِيُّ: لَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَهَلْ يَنْعَمْنَ إِلَّا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ... قَلِيلُ الْهُمُومِ مَا يَبِيتُ بِأَوْجَالِ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مُخَلَّدُونَ مُقَرَّطُونَ، يُقَالُ لِلْقُرْطِ الْخَلَدَةُ وَلِجَمَاعَةِ الْحُلِيِّ الْخِلْدَةُ. وَقِيلَ: مُسَوَّرُونَ وَنَحْوُهُ عَنِ الْفَرَّاءِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
ومخلدات باللجين كأنما ... أعجازهن أقاوز [[الاقاوز جمع قوز وهو كثيب من الرمل صغير، شبه به أرداف النساء، فالإضافة البيان.]] الكثبان
وَقِيلَ: مُقَرَّطُونَ يَعْنِي مُمَنْطَقُونَ مِنَ الْمَنَاطِقِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: (مُخَلَّدُونَ) مُنَعَّمُونَ. وَقِيلَ: عَلَى سِنٍّ وَاحِدَةٍ أَنْشَأَهُمُ اللَّهُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ يَطُوفُونَ عَلَيْهِمْ كَمَا شاء من غير ولادة. وقال علي ابن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الولدان ها هنا وِلْدَانُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ صِغَارًا وَلَا حَسَنَةَ لَهُمْ وَلَا سَيِّئَةَ. وَقَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ هُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ. قَالَ الْحَسَنُ: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ يُجْزَوْنَ بِهَا، وَلَا سَيِّئَاتٌ يُعَاقَبُونَ عَلَيْهَا، فَوُضِعُوا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ عَلَى أَتَمِّ السُّرُورِ وَالنِّعْمَةِ، وَالنِّعْمَةُ إِنَّمَا تَتِمُّ بِاحْتِفَافِ الْخَدَمِ وَالْوِلْدَانِ بِالْإِنْسَانِ.
(بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ) أَكْوَابٌ جَمْعُ كُوبٍ وَقَدْ مَضَى فِي (الزُّخْرُفِ) [[راجع ج ١٦ ص (١١٢)]] وَهِيَ الْآنِيَةُ الَّتِي لَا عُرَى لَهَا وَلَا خَرَاطِيمَ، وَالْأَبَارِيقُ الَّتِي لَهَا عُرَى وَخَرَاطِيمُ وَاحِدُهَا إِبْرِيقٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَبْرُقُ لَوْنُهُ مِنْ صَفَائِهِ.
(وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) مَضَى فِي (وَالصَّافَّاتِ) [[راجع ج ١٥ ص (٧٧)]] الْقَوْلُ فِيهِ. وَالْمَعِينُ الْجَارِي مِنْ مَاءٍ أَوْ خَمْرٍ، غَيْرَ أَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْخَمْرُ الْجَارِيَةُ مِنَ الْعُيُونِ. وَقِيلَ: الظَّاهِرَةُ لِلْعُيُونِ فَيَكُونُ (مَعِينٍ) مَفْعُولًا مِنَ الْمُعَايَنَةِ. وَقِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَعْنِ وَهُوَ الْكَثْرَةُ. وَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَخَمْرِ الدُّنْيَا الَّتِي تُسْتَخْرَجُ بِعَصْرٍ وَتَكَلُّفٍ وَمُعَالَجَةٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْها﴾ أي لا تنصدع رؤوسهم مِنْ شُرْبِهَا، أَيْ أَنَّهَا لَذَّةٌ بِلَا أَذًى بِخِلَافِ شَرَابِ الدُّنْيَا.
(وَلا يُنْزِفُونَ) تَقَدَّمَ فِي (وَالصَّافَّاتِ) أَيْ لَا يَسْكَرُونَ فَتَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ: (لَا يُصَدَّعُونَ) بِمَعْنَى لَا يَتَصَدَّعُونَ أَيْ لَا يَتَفَرَّقُونَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَوْمَئِذٍ [[راجع ج ١٤ ص (٤٢)]] يَصَّدَّعُونَ). وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ (يُنْزِفُونَ) بِكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ لَا ينفد شرابهم ولا تقنى خَمْرُهُمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ [[هو الحطيئة وقد تقدم البيت في ج ١٥ ص ٧٩]]:
لَعَمْرِي لَئِنْ أَنْزَفْتُمُ أَوْ صَحَوْتُمُ ... لَبِئْسَ النَّدَامَى كُنْتُمُ آلَ أَبْجَرَا
وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُ خِصَالٍ: السُّكْرُ وَالصُّدَاعُ وَالْقَيْءُ وَالْبَوْلُ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى خَمْرَ الْجَنَّةِ فَنَزَّهَهَا عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾ أَيْ يَتَخَيَّرُونَ مَا شَاءُوا لِكَثْرَتِهَا. وَقِيلَ: وَفَاكِهَةٌ مُتَخَيَّرَةٌ مُرْضِيَةٌ، وَالتَّخَيُّرُ الِاخْتِيَارُ.
(وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا الْكَوْثَرُ؟ قَالَ: (ذَاكَ نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ تَعَالَى- يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ- أَشَدُّ بياضا من اللبن أحلى مِنَ الْعَسَلِ فِيهِ طَيْرٌ أَعْنَاقُهَا كَأَعْنَاقِ الْجُزُرِ) قَالَ عُمَرُ: إِنَّ هَذِهِ لَنَاعِمَةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَكَلَتُهَا أَحْسَنُ مِنْهَا) [[في نسخ الأصل: أكلتها أنعم منها. وما أثبتناه هو في صحيح الترمذي.]] قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَخَرَّجَهُ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ طَيْرًا مِثْلَ أَعْنَاقِ الْبُخْتِ تَصْطَفُّ عَلَى يَدِ وَلِيِّ اللَّهِ فَيَقُولُ أَحَدُهَا يَا وَلِيَّ اللَّهِ رَعَيْتُ فِي مُرُوجٍ تَحْتَ الْعَرْشِ وَشَرِبْتُ مِنْ عُيُونِ التَّسْنِيمِ فَكُلْ مِنِّي فَلَا يَزَلْنَ يَفْتَخِرْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى يَخْطِرَ عَلَى قَلْبِهِ أَكْلُ أَحَدِهَا فَتَخِرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى أَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيَأْكُلُ مِنْهَا مَا أَرَادَ فَإِذَا شَبِعَ تَجَمَّعَ عِظَامُ الطَّائِرِ فَطَارَ يَرْعَى فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَ) فقال عمر: يا نبي الله إنها لنا عمة. فَقَالَ: (آكِلُهَا أَنْعَمُ مِنْهَا). وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَطَيْرًا فِي الطَّائِرِ مِنْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ رِيشَةٍ فَيَقَعُ عَلَى صَحْفَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ يَنْتَفِضُ فَيَخْرُجُ مِنْ كُلِّ رِيشَةٍ لَوْنُ طَعَامٍ أَبْيَضَ مِنَ الثَّلْجِ وَأَبْرَدَ وَأَلْيَنَ مِنَ الزُّبْدِ وَأَعْذَبَ مِنَ الشَّهْدِ لَيْسَ فِيهِ لَوْنٌ يُشْبِهُ صَاحِبَهُ فَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَرَادَ ثُمَّ يَذْهَبُ فَيَطِيرُ (.
قَوْلُهُ تَعَالَى:) وَحُورٌ عِينٌ) قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَمَنْ جَرَّ وَهُوَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى (بِأَكْوابٍ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَتَنَعَّمُونَ بِأَكْوَابٍ وَفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ وَحُورٍ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى (جَنَّاتِ) أَيْ هُمْ فِي (جَنَّاتِ النَّعِيمِ) وَفِي حُورٌ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ المضاف، كأنه قال: وفي معاشرة حُورٍ. الْفَرَّاءُ: الْجَرُّ عَلَى الْإِتْبَاعِ فِي اللَّفْظِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّ الْحُورَ لَا يُطَافُ بِهِنَّ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مَا الْغَانِيَاتِ بَرَزْنَ يَوْمًا ... وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعَيُونَا
وَالْعَيْنُ لَا تُزَجَّجُ وَإِنَّمَا تُكَحَّلُ. وَقَالَ آخَرُ:
وَرَأَيْتُ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا
وَقَالَ قُطْرُبٌ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْأَكْوَابِ وَالْأَبَارِيقِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ عَلَى الْمَعْنَى. قَالَ: وَلَا يُنْكَرُ أَنْ يُطَافَ عَلَيْهِمْ بِالْحُورِ وَيَكُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لَذَّةٌ. وَمَنْ نَصَبَ وَهُوَ الْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ الثَّقَفِيُّ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ، فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ إِضْمَارِ فِعْلٍ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَيُزَوَّجُونَ حُورًا عِينًا. وَالْحَمْلُ فِي النَّصْبِ عَلَى الْمَعْنَى أَيْضًا حَسَنٌ، لِأَنَّ مَعْنَى يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِهِ يُعْطُونَهُ. وَمَنْ رَفَعَ وَهُمُ الْجُمْهُورُ- وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ- فَعَلَى مَعْنَى وَعِنْدَهُمْ حُورٌ عِينٌ، لِأَنَّهُ لَا يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِالْحُورِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: وَمَنْ قَالَ: (وَحُورٌ عِينٌ) بِالرَّفْعِ وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ لَا يُطَافُ بِهِنَّ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي فَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُطَافُ بِهِ وَلَيْسَ يُطَافُ إِلَّا بِالْخَمْرِ وَحْدَهَا. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ محمولا على المعنى، لان الْمَعْنَى لَهُمْ أَكْوَابٌ وَلَهُمْ حُورٌ عِينٌ. وَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى (ثُلَّةٌ) وَ (ثُلَّةٌ) ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) وَكَذَلِكَ (وَحُورٌ عِينٌ) وَابْتَدَأَ بِالنَّكِرَةِ لِتَخْصِيصِهَا بِالصِّفَةِ.
(كَأَمْثالِ) أَيْ مِثْلِ أَمْثَالِ (اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) أَيِ الَّذِي لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْغُبَارُ فَهُوَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ صَفَاءً وَتَلَأْلُؤًا، أَيْ هُنَّ فِي تَشَاكُلِ أَجْسَادِهِنَّ فِي الْحُسْنِ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِنَّ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
كَأَنَّمَا خُلِقَتْ فِي قِشْرِ لُؤْلُؤَةٍ ... فَكُلُّ أَكْنَافِهَا وَجْهٌ لِمِرْصَادِ
(جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أَيْ ثَوَابًا وَنَصَبَهُ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَصْدَرِ، لِأَنَّ مَعْنَى (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) يُجَازُونَ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْحُورِ الْعِينِ فِي (وَالطُّورِ) [[راجع ص ٦٥ من هذا الجزء وج ١٦ ص ١٥٢]] وَغَيْرِهَا. وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (خَلَقَ اللَّهُ الْحُورَ الْعِينَ مِنَ الزَّعْفَرَانِ) وَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: (إِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَمْسِكُ التُّفَّاحَةَ مِنْ تُفَّاحِ الْجَنَّةِ فَتَنْفَلِقُ فِي يَدِهِ فَتَخْرُجُ مِنْهَا حَوْرَاءُ لَوْ نَظَرَتْ لِلشَّمْسِ لَأَخْجَلَتِ الشَّمْسَ مِنْ حُسْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنَ التُّفَّاحَةِ) فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ إِنَّ هَذَا لَعَجَبٌ وَلَا يَنْقُصُ مِنَ التُّفَّاحَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَالسِّرَاجِ الَّذِي يُوقَدُ مِنْهُ سِرَاجٌ آخَرُ وَسُرُجٌ وَلَا يَنْقُصُ، وَاللَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْحُورَ الْعِينَ مِنْ أَصَابِعِ رِجْلَيْهَا إِلَى رُكْبَتَيْهَا مِنَ الزَّعْفَرَانِ، وَمِنْ رُكْبَتَيْهَا إِلَى ثَدْيَيْهَا مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، وَمِنْ ثَدْيَيْهَا إِلَى عُنُقِهَا مِنَ الْعَنْبَرِ الْأَشْهَبِ، وَمِنْ عُنُقِهَا إِلَى رَأْسِهَا مِنَ الْكَافُورِ الْأَبْيَضِ، عَلَيْهَا سَبْعُونَ أَلْفَ حُلَّةٍ مِثْلُ شَقَائِقِ [[شقائق النعمان: نبات أحمر الزهر. الواحدة شقيقة النعمان.]] النُّعْمَانِ، إِذَا أَقْبَلَتْ يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهَا نُورًا سَاطِعًا كَمَا تَتَلَأْلَأُ الشَّمْسُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِذَا أَدْبَرَتْ يُرَى كَبِدُهَا مِنْ رِقَّةِ ثِيَابِهَا وَجِلْدِهَا، فِي رَأْسِهَا سَبْعُونَ أَلْفَ ذُؤَابَةٍ مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ، لِكُلِّ ذُؤَابَةٍ مِنْهَا وَصِيفَةٌ تَرْفَعُ ذَيْلَهَا وَهِيَ تُنَادِي: هَذَا ثَوَابُ الْأَوْلِيَاءِ (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَاطِلًا وَلَا كَذِبًا. وَاللَّغْوُ مَا يُلْغَى مِنَ الْكَلَامِ، وَالتَّأْثِيمُ مَصْدَرُ أَثَّمْتُهُ أَيْ قُلْتُ لَهُ أَثِمْتَ. مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: (وَلا تَأْثِيماً) أَيْ لَا يُؤَثِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. مُجَاهِدٌ: (لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) شَتْمًا وَلَا مَأْثَمًا.
(إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً) (قِيلًا) مَنْصُوبٌ بِ (يَسْمَعُونَ) أَوِ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ يَقُولُونَ قِيلًا أَوْ يَسْمَعُونَ. وَ (سَلاماً سَلاماً) مَنْصُوبَانِ بِالْقَوْلِ، أَيْ إِلَّا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ الْخَيْرَ. أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ إِلَّا أَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلَامًا. أَوْ يَكُونُ وَصْفًا لِ (قِيلًا)، وَالسَّلَامُ الثَّانِي بَدَلٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَالْمَعْنَى إِلَّا قِيلًا يَسْلَمُ فِيهِ مِنَ اللَّغْوِ. وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَقِيلَ: تُحَيِّيهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يُحَيِّيهِمْ رَبُّهُمْ عز وجل.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["یَطُوفُ عَلَیۡهِمۡ وِلۡدَ ٰنࣱ مُّخَلَّدُونَ","بِأَكۡوَابࣲ وَأَبَارِیقَ وَكَأۡسࣲ مِّن مَّعِینࣲ","لَّا یُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا یُنزِفُونَ","وَفَـٰكِهَةࣲ مِّمَّا یَتَخَیَّرُونَ","وَلَحۡمِ طَیۡرࣲ مِّمَّا یَشۡتَهُونَ","وَحُورٌ عِینࣱ","كَأَمۡثَـٰلِ ٱللُّؤۡلُوِٕ ٱلۡمَكۡنُونِ","جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","لَا یَسۡمَعُونَ فِیهَا لَغۡوࣰا وَلَا تَأۡثِیمًا","إِلَّا قِیلࣰا سَلَـٰمࣰا سَلَـٰمࣰا"],"ayah":"جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق