الباحث القرآني

سورة الواقعة مَكِّيَّةٌ، وَهِيَ سَبْعٌ وَتِسْعُونَ آيَةً مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَجَابِرٍ وَعَطَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: إِلَّا آيَةً مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَكِّيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ، مِنْهَا آيَتَانِ (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ. وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) نَزَلَتَا فِي سَفَرِهِ إِلَى مَكَّةَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ نَزَلَتَا فِي سَفَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ نَبَأَ الْأَوَّلِينَ وَالْآَخِرِينَ، وَنَبَأَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَنَبَأَ أَهْلِ النَّارِ، وَنَبَأَ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَنَبَأَ أَهْلِ الْآخِرَةِ، فَلْيَقْرَأْ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ. وذكر أبو عمر ابن عَبْدِ الْبَرِّ فِي (التَّمْهِيدِ) وَ (التَّعْلِيقِ) وَالثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا: أَنَّ عُثْمَانَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ يَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ: مَا تَشْتَكِي؟ قَالَ: ذُنُوبِي. قَالَ: فَمَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: رَحْمَةَ رَبِّي. قَالَ: أَفَلَا نَدْعُو لَكَ طَبِيبًا؟ قَالَ: الطَّبِيبُ أَمْرَضَنِي. قَالَ: أَفَلَا نَأْمُرُ لك بعطائك؟ قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، حَبَسْتَهُ عَنِّي فِي حَيَاتِي، وَتَدْفَعُهُ لِي عِنْدَ مَمَاتِي؟ قَالَ: يَكُونُ لِبَنَاتِكَ مِنْ بَعْدِكَ. قَالَ: أَتَخْشَى عَلَى بَنَاتِي الْفَاقَةَ مِنْ بَعْدِي؟ إِنِّي أَمَرْتُهُنَّ أَنْ يَقْرَأْنَ سُورَةَ (الْوَاقِعَةِ) كُلَّ لَيْلَةٍ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: (مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَدًا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ (٣) إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (٦) قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ﴾ أَيْ قَامَتِ الْقِيَامَةُ، وَالْمُرَادُ النَّفْخَةُ الْأَخِيرَةُ. وَسُمِّيَتْ وَاقِعَةٌ لِأَنَّهَا تَقَعُ عَنْ قُرْبٍ. وَقِيلَ: لِكَثْرَةِ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الشَّدَائِدِ. وَفِيهِ إِضْمَارٌ، أَيِ اذكروا إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: (إِذا) صِلَةٌ، أَيْ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ، كَقَوْلِهِ: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) [[راجع ج ١٠ ص (٦٥)]] وَ (أَتى أَمْرُ اللَّهِ) [[راجع ص ١٢٥ من هذا الجزء.]] وَهُوَ كَمَا يُقَالُ: قَدْ جَاءَ الصَّوْمُ أَيْ دَنَا وَاقْتَرَبَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ (إِذا) لِلْوَقْتِ، وَالْجَوَابُ قَوْلُهُ: (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ). (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) الْكَاذِبَةُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْكَذِبِ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَضَعُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً [[راجع ج ٢٠ ص (٣٣)]]) أي لغو، وَالْمَعْنَى لَا يُسْمَعُ [[في ب: (ليس لها كذب).]] لَهَا كَذِبٌ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَامَّةِ: عَائِذًا بِاللَّهِ أَيْ مَعَاذَ اللَّهِ، وَقُمْ قَائِمًا أَيْ قُمْ قِيَامًا. وَلِبَعْضِ نِسَاءِ الْعَرَبِ تُرَقِّصُ ابْنَهَا: قُمْ قَائِمًا قُمْ قَائِمَا ... أَصَبْتَ عَبْدًا نَائِمَا وَقِيلَ: الْكَاذِبَةُ صِفَةٌ وَالْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ، أَيْ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا حَالٌ كَاذِبَةٌ، أَوْ نَفْسٌ كَاذِبَةٌ، أَيْ كُلُّ مَنْ يُخْبِرُ عَنْ وَقْعَتِهَا صَادِقٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) أي لا يردها شي. وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا أَحَدٌ يُكَذِّبُ بِهَا. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ [[في ب: (الحسن).]] أَيْضًا: لَيْسَ لَهَا تَكْذِيبٌ، أَيْ يَنْبَغِي أَلَّا يُكَذِّبَ بِهَا أَحَدٌ. وَقِيلَ: إِنَّ قِيَامَهَا جَدٌّ لَا هَزْلَ فِيهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿خافِضَةٌ رافِعَةٌ﴾ قَالَ عِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ وَالسُّدِّيُّ: خَفَضَتِ الصَّوْتَ فَأَسْمَعَتْ مَنْ دَنَا وَرَفَعَتْ مَنْ نَأَى، يَعْنِي أَسْمَعَتِ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: خَفَضَتِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَرَفَعَتِ الْمُسْتَضْعَفِينَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: خَفَضَتْ أَقْوَامًا فِي عَذَابِ اللَّهِ، وَرَفَعَتْ أَقْوَامًا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَفَضَتْ أَعْدَاءَ اللَّهِ فِي النَّارِ، وَرَفَعَتْ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: خَفَضَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَرْفُوعِينَ، وَرَفَعَتْ أَقْوَامًا كَانُوا فِي الدُّنْيَا مَخْفُوضِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: خَفَضَتْ أَقْوَامًا بِالْعَدْلِ، وَرَفَعَتْ آخَرِينَ بِالْفَضْلِ. وَالْخَفْضُ وَالرَّفْعُ يُسْتَعْمَلَانِ عِنْدَ الْعَرَبِ فِي الْمَكَانِ وَالْمَكَانَةِ، وَالْعِزِّ والمهانة. ونسب سبحانه الخفض والرفع للقيامة تَوَسُّعًا وَمَجَازًا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي إِضَافَتِهَا الْفِعْلَ إِلَى الْمَحَلِّ وَالزَّمَانِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ الْفِعْلُ، يَقُولُونَ: لَيْلٌ نَائِمٌ وَنَهَارٌ صَائِمٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [[راجع ج ١٤ ص ٣٠٢]] وَالْخَافِضُ وَالرَّافِعُ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ، فَرَفَعَ أَوْلِيَاءَهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَخَفَضَ أَعْدَاءَهُ فِي أَسْفَلِ الدَّرَكَاتِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) بِالنَّصْبِ. الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَإٍ، وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الْحَالِ. وَهُوَ عِنْدَ الْفَرَّاءِ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ، وَالْمَعْنَى: إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ. لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ- وَقَعَتْ: خَافِضَةً رَافِعَةً. وَالْقِيَامَةُ لَا شَكَّ فِي وُقُوعِهَا، وَأَنَّهَا تَرْفَعُ أَقْوَامًا وَتَضَعُ آخَرِينَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا﴾ أَيْ زُلْزِلَتْ وَحُرِّكَتْ عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرُهُ، يُقَالُ: رَجَّهُ يَرُجُّهُ رَجًّا أَيْ حَرَّكَهُ وَزَلْزَلَهُ. وَنَاقَةٌ رَجَّاءُ أي عظيمة السنام. وفي ب الْحَدِيثِ: (مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ حِينَ يَرْتَجُّ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ) يَعْنِي إِذَا اضْطَرَبَتْ أَمْوَاجُهُ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَوْحَى إِلَيْهَا اضْطَرَبَتْ فَرَقًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: تَرْتَجُّ كَمَا يَرْتَجُّ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ حَتَّى يَنْهَدِمَ كُلُّ مَا عَلَيْهَا، وَيَنْكَسِرَ كُلُّ شي عَلَيْهَا مِنَ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الرَّجَّةُ الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ يُسْمَعُ لَهَا صَوْتٌ. وَمَوْضِعٌ (إِذا) نَصْبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ (إِذا وَقَعَتِ). وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ بِ (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) أَيْ تَخْفِضُ وَتَرْفَعُ وَقْتَ رَجِّ الْأَرْضِ وَبَسِّ الْجِبَالِ، لِأَنَّ عِنْدَ ذَلِكَ يَنْخَفِضُ مَا هُوَ مُرْتَفِعٌ، وَيَرْتَفِعُ مَا هُوَ مُنْخَفِضٌ. وَقِيلَ: أَيْ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَالْجُرْجَانِيُّ. وَقِيلَ: أَيِ اذْكُرْ (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا) مَصْدَرٌ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْرِيرِ الزَّلْزَلَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا﴾ أَيْ فُتِّتَتْ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. مُجَاهِدٌ: كَمَا يُبَسُّ الدَّقِيقُ أَيْ يُلَتُّ. وَالْبَسِيسَةُ السَّوِيقُ أَوِ الدَّقِيقُ يُلَتُّ بِالسَّمْنِ أَوْ بِالزَّيْتِ ثُمَّ يُؤْكَلُ وَلَا يُطْبَخُ وَقَدْ يُتَّخَذُ زَادًا. قَالَ الرَّاجِزُ: لَا تَخْبِزَا خُبْزًا وبسابسا ... ولا تطيلا بمناخ حبسا وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَنَّهُ لِصٌّ مِنْ غَطَفَانَ أَرَادَ أَنْ يَخْبِزَ فَخَافَ أَنْ يُعْجَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَكَلَهُ عَجِينًا. وَالْمَعْنَى أَنَّهَا خُلِطَتْ فَصَارَتْ كَالدَّقِيقِ الْمَلْتُوتِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ أَيْ تَصِيرُ الْجِبَالُ تُرَابًا فَيَخْتَلِطُ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: وبست قُلِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا فَذَهَبَتْ، نَظِيرُهُ: (يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) [[راجع ج ١١ ص (٢٤٥)]]. وَقَالَ عَطِيَّةُ: بُسِطَتْ كَالرَّمْلِ وَالتُّرَابِ. وَقِيلَ: الْبَسُّ السُّوقُ أَيْ سِيقَتِ الْجِبَالُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْبَسُّ السُّوقُ، وَقَدْ بَسَسْتُ الْإِبِلَ أَبُسُّهَا بِالضَّمِّ بَسًّا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: بَسَسْتَ الْإِبِلَ وَأَبْسَسْتَ لُغَتَانِ إِذَا زَجَرْتَهَا وَقُلْتَ لَهَا بِسْ بِسْ. وَفِي الْحَدِيثِ: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ يَبُسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: (جَاءَكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ يَبُسُّونَ عِيَالَهُمْ) [[أي يسوقون عيالهم.]] وَالْعَرَبُ تَقُولُ: جئ بِهِ مِنْ حَسِّكَ وَبَسِّكَ. وَرَوَاهُمَا أَبُو زَيْدٍ بِالْكَسْرِ، فَمَعْنَى مِنْ حَسِّكَ مِنْ حَيْثُ أَحْسَسْتَهُ، وَبَسِّكَ مِنْ حَيْثُ بَلَغَهُ مَسِيرُكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَالَتْ سَيْلًا. عِكْرِمَةُ: هُدَّتْ هَدًّا. مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: سُيَّرَتْ سَيْرًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَغْلَبِ الْعِجْلِيِّ [[بياض بالأصول في موضع الشاهد من قول الأغلب العجلى الراجز ولم نعثر عليه.]]: وَقَالَ الْحَسَنُ: قُطِعَتْ قَطْعًا. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا﴾ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ الله عنه: الهباء المنبث الرَّهْجُ [[الرهج بالفتح وبالإسكان الغبار.]] الَّذِي يَسْطَعُ مِنْ حَوَافِرِ الدَّوَابِّ ثُمَّ يَذْهَبُ، فَجَعَلَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ كَذَلِكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْهَبَاءُ هُوَ الشُّعَاعُ الَّذِي يَكُونُ فِي الْكُوَّةِ كَهَيْئَةِ الْغُبَارِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا: هُوَ مَا تَطَايَرَ مِنَ النَّارِ إِذَا اضْطَرَبَتْ يَطِيرُ مِنْهَا شَرَرٌ فَإِذَا وَقَعَ لم يكن شيئا. وقال عَطِيَّةُ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْفُرْقَانِ) عِنْدَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَدِمْنا إِلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً﴾ [[راجع ١٣ ص (٢٢)]] وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ (مُنْبَثًّا) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ مُتَفَرِّقًا مِنْ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ [[راجع ج ٢ ص ١٩٦]] أَيْ فَرَّقَ وَنَشَرَ. وَقَرَأَ مَسْرُوقٌ وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَيْوَةَ (مُنْبَتًّا) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ مُنْقَطِعًا مِنْ قَوْلِهِمْ: بَتَّهُ اللَّهُ أي قطعه، ومنه البتات.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب