الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿خَلَقَ الْإِنْسانَ﴾ لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ خَلْقَ الْعَالَمِ الْكَبِيرِ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَمَا فِيهِمَا مِنَ الدَّلَالَاتِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ ذَكَرَ خَلْقَ الْعَالَمِ الصَّغِيرِ فَقَالَ: (خَلَقَ الْإِنْسانَ) بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ يَعْنِي آدَمَ. (مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) الصَّلْصَالُ الطِّينُ الْيَابِسُ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صَلْصَلَةٌ، شَبَّهَهُ بِالْفَخَّارِ الَّذِي طُبِخَ. وَقِيلَ: هُوَ طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ. وَقِيلَ: هُوَ الطِّينُ الْمُنْتِنُ مِنْ صَلَّ اللَّحْمُ وَأَصَلَّ إِذَا أَنْتَنَ، وَقَدْ مَضَى فِي (الْحِجْرِ) [[راجع ج ١٠ ص ٢١.]]. وَقَالَ هُنَا: (مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) وَقَالَ هُنَاكَ: (مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ). وقال: (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ [[راجع ج ١٥ ص ٦٣ وص ٦٨.]]. وَقَالَ: (كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ [[راجع ج ٤ ص ١٠٢.]] مِنْ تُرابٍ) وَذَلِكَ مُتَّفَقُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ فَعَجَنَهُ فَصَارَ طِينًا، ثُمَّ انْتَقَلَ فَصَارَ كَالْحَمَإِ الْمَسْنُونِ، ثُمَّ انْتَقَلَ فَصَارَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ. (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ) قَالَ الْحَسَنُ: الْجَانُّ إِبْلِيسُ وَهُوَ أَبُو الْجِنِّ. وَقِيلَ: الْجَانُّ وَاحِدُ الْجِنِّ، وَالْمَارِجُ اللَّهَبُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْجَانَّ مِنْ خَالِصِ النَّارِ. وَعَنْهُ أَيْضًا مِنْ لِسَانِهَا الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا إِذَا الْتَهَبَتْ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الْمَارِجُ الشُّعْلَةُ السَّاطِعَةُ ذَاتُ اللَّهَبِ الشَّدِيدِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ اللَّهَبُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ فَيَخْتَلِطُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ أَحْمَرُ وَأَصْفَرُ وَأَخْضَرُ، وَنَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَكُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى. وَقِيلَ: الْمَارِجُ كُلُّ أَمْرٍ مُرْسَلٍ غَيْرِ مَمْنُوعٍ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ، قَالَ الْمُبَرِّدُ: الْمَارِجُ النَّارُ الْمُرْسَلَةُ الَّتِي لَا تُمْنَعُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْحَسَنُ: الْمَارِجُ خَلْطُ النَّارِ، وَأَصْلُهُ مِنْ مَرِجَ إِذَا اضْطَرَبَ وَاخْتَلَطَ، وَيُرْوَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ نَارَيْنِ فَمَرَجَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَأَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَهِيَ نَارُ السَّمُومِ فَخَلَقَ مِنْهَا إِبْلِيسَ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَالْمَارِجُ فِي اللُّغَةِ الْمُرْسَلُ أَوِ الْمُخْتَلَطُ وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، كقوله: (ماءٍ دافِقٍ) [[راجع ج ٢٠ ص ٤.]] و (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [[راجع ج ١٨ ص ٢٧٠.]] وَالْمَعْنَى ذُو مَرْجٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصحاح: و (مارِجٍ مِنْ نارٍ) نَارٌ لَا دُخَانَ لَهَا خُلِقَ مِنْهَا الْجَانُّ. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (. قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) أَيْ هُوَ رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ. وَفِي الصَّافَّاتِ (وَرَبُّ الْمَشارِقِ) وَقَدْ مضى الكلام في ذلك هنالك [[راجع ج ١٥ ص ٦٣ وص ٦٨.]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب