الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ قَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ (يَوْمَ يَقُولُ) بِالْيَاءِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ: (لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ). الْبَاقُونَ بِالنُّونِ عَلَى الْخِطَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ نُونُ الْعَظَمَةِ [[فِي ن، هـ: (التعظيم).]]. وَقَرَأَ الْحَسَنُ (يَوْمَ أَقُولُ). وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ (يَوْمَ يُقَالُ). وَانْتَصَبَ (يَوْمَ) عَلَى مَعْنَى مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ يَوْمَ. وَقِيلَ: بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْنَاهُ: وَأَنْذِرْهُمْ (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ) لِمَا سَبَقَ مِنْ وَعْدِهِ إِيَّاهَا أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا. وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ عَلَى سَبِيلِ التَّصْدِيقِ لِخَبَرِهِ، وَالتَّحْقِيقِ لِوَعْدِهِ، وَالتَّقْرِيعِ لِأَعْدَائِهِ، وَالتَّنْبِيهِ لِجَمِيعِ عِبَادِهِ.
(وَتَقُولُ) جَهَنَّمُ (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) أَيْ مَا بَقِيَ فِيَّ مَوْضِعٌ لِلزِّيَادَةِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (هَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبْعٍ أَوْ مَنْزِلٍ) أَيْ مَا تَرَكَ، فَمَعْنَى الْكَلَامِ الْجَحْدُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَةِ، أَيْ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ فَأَزْدَادُ؟. وَإِنَّمَا صَلَحَ هَذَا لِلْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ فِي الِاسْتِفْهَامِ ضَرْبًا مِنَ الْجَحْدِ. وَقِيلَ: لَيْسَ ثَمَّ قَوْلٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى طَرِيقِ الْمِثْلِ، أَيْ إِنَّهَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ حَالِهَا بِمَنْزِلَةِ النَّاطِقَةِ بِذَلِكَ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
امْتَلَأَ الْحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي ... مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْتَ بَطْنِي
وَهَذَا تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ أَيْ هَلْ فِيَّ مِنْ مَسْلَكٍ قَدِ امْتَلَأْتُ. وَقِيلَ: يُنْطِقُ اللَّهُ النَّارَ حَتَّى تَقُولَ هَذَا كَمَا تَنْطِقُ الْجَوَارِحُ. وَهَذَا أَصَحُّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي سُورَةِ (الْفُرْقَانِ) [[راجع ج ١٣ ص ١٠.]]. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ فَيَنْزَوِي [[ينزوي بعضها إلى بعض: أي تنقبض على من فيها، وتشتغل بعذابهم، وتكف عن سؤال هل من مزيد.
(هامش مسلم).]] بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ قَطْ قَطْ بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ) لَفْظُ مُسْلِمٍ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (وَأَمَّا النَّارُ فَلَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا رِجْلَهُ يَقُولُ لَهَا قَطْ قَطْ فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَلَا يَظْلِمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا (. قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ: أَمَّا مَعْنَى الْقَدَمِ هُنَا فَهُمْ قَوْمٌ يُقَدِّمُهُمُ اللَّهُ إِلَى النَّارِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. وَكَذَلِكَ الرِّجْلُ وَهُوَ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ، يُقَالُ: رَأَيْتُ رِجْلًا مِنَ النَّاسِ وَرِجْلًا مِنْ جَرَادٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَرَّ بِنَا رِجْلٌ مِنَ النَّاسِ وَانْزَوَى ... إِلَيْهِمْ مِنَ الْحَيِّ الْيَمَانِينَ أَرْجُلُ
قَبَائِلُ مِنْ لَخْمٍ وَعُكْلٍ وَحِمْيَرٍ ... عَلَى ابْنَيْ نِزَارٍ بِالْعَدَاوَةِ أَحْفَلُ
وَيُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا فِي النَّارِ بَيْتٌ وَلَا سِلْسِلَةٌ وَلَا مِقْمَعٌ وَلَا تَابُوتٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ اسْمُ صَاحِبِهِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَزَنَةِ يَنْتَظِرُ صَاحِبَهُ الَّذِي قَدْ عَرَفَ اسْمَهُ وَصِفَتَهُ، فَإِذَا اسْتَوْفَى [كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ [[الزيادة من ن.]]] مَا أُمِرَ بِهِ وَمَا يَنْتَظِرُهُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ الْخَزَنَةُ: قَطْ قَطْ حَسْبُنَا حَسْبُنَا أَيِ اكْتَفَيْنَا اكْتَفَيْنَا، وَحِينَئِذٍ تَنْزَوِي جَهَنَّمُ عَلَى مَنْ فِيهَا وَتَنْطَبِقُ إِذْ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ يَنْتَظِرُ. فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ الْمُنْتَظِرِ بِالرِّجْلِ وَالْقَدَمِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ: (وَلَا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا فَيُسْكِنَهُمْ فَضْلَ الْجَنَّةِ) وَقَدْ زِدْنَا هَذَا الْمَعْنَى بَيَانًا وَمَهَّدْنَاهُ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مِنَ الْكِتَابِ الْأَسْنَى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَهُ) أَيْ مَنْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ أي فربت مِنْهُمْ. وَقِيلَ: هَذَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الدُّنْيَا، أَيْ قُرِّبَتْ مِنْ قُلُوبِهِمْ حِينَ قِيلَ لَهُمُ اجتنبوا المعاصي. وقيل: بعد الدخول قُرِّبَتْ لَهُمْ مَوَاضِعُهُمْ فِيهَا فَلَا تَبْعُدُ.
(غَيْرَ بَعِيدٍ) أَيْ مِنْهُمْ وَهَذَا تَأْكِيدٌ.
(هَذَا مَا تُوعَدُونَ) أَيْ وَيُقَالُ لَهُمْ هَذَا الْجَزَاءُ الَّذِي وُعِدْتُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ (تُوعَدُونَ) بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ أَتَى بَعْدَ ذِكْرِ الْمُتَّقِينَ.
(لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) أَوَّابٍ أَيْ رَجَّاعٌ إِلَى اللَّهِ عَنِ الْمَعَاصِي، ثُمَّ يَرْجِعُ يُذْنِبُ ثُمَّ يَرْجِعُ، هَكَذَا قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ: الْأَوَّابُ الْمُسَبِّحُ مِنْ قَوْلِهِ: (يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) [[راجع ج ١٤ ص ٢٦٤]]. وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ: هُوَ الذَّاكِرُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْوَةِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ: هُوَ الَّذِي يَذْكُرُ ذُنُوبَهُ فِي الْخَلْوَةِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: هُوَ الَّذِي لَا يَجْلِسُ مَجْلِسًا حَتَّى يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ. وَعَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّ الْأَوَّابَ الْحَفِيظَ الَّذِي إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا أَصَبْتُ فِي مَجْلِسِي هَذَا. وَفِي الْحَدِيثِ: (مَنْ قَالَ إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ (. وَهَكَذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى ﷺ يَقُولُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقُولَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَسْأَلُكَ التَّوْبَةَ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَقُولَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ إِلَّا عَلَى حَقِيقَتِهِ. قُلْتُ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَاتِّبَاعُ الْحَدِيثِ أَوْلَى. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: هُوَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. وَقَالَ الْقَاسِمُ: هُوَ الَّذِي لَا يَشْتَغِلُ إِلَّا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
(حَفِيظٍ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الَّذِي حَفِظَ ذُنُوبَهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: حَفِيظٌ لِمَا اسْتَوْدَعَهُ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ ونعمته وأتمنه عَلَيْهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: هُوَ الْحَافِظُ لِأَمْرِ اللَّهِ. مُجَاهِدٌ: هُوَ الْحَافِظُ لِحَقِ اللَّهِ تَعَالَى بِالِاعْتِرَافِ وَلِنِعَمِهِ بِالشُّكْرِ. قَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ الْحَافِظُ لِوَصِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَبُولِ. وَرَوَى مَكْحُولٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَ أَوَّابًا حَفِيظًا) ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ﴾ (مَنْ) فِي مَحَلِّ خَفْضٍ عَلَى البدل من قوله: (لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ) أوفي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِ (أَوَّابٍ). وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الاستئناف، والخبر (ادْخُلُوها) عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ جَوَابِ الشَّرْطِ وَالتَّقْدِيرُ فَيُقَالُ لَهُمُ: (ادْخُلُوها). وَالْخَشْيَةُ بِالْغَيْبِ أَنْ تَخَافَهُ وَلَمْ تَرَهُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي فِي الْخَلْوَةِ حِينَ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا أَرْخَى السِّتْرَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ.
(وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) مُقْبِلٍ عَلَى الطَّاعَةِ. وَقِيلَ: مُخْلِصٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْوَرَّاقُ: عَلَامَةُ الْمُنِيبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا لِحُرْمَتِهِ وَمُوَالِيًا لَهُ، مُتَوَاضِعًا لِجَلَالِهِ تَارِكًا لِهَوَى نَفْسِهِ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَلْبُ الْمُنِيبُ الْقَلْبَ السَّلِيمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ [[راجع ج ١٣ ص ١١٤.]]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(ادْخُلُوها) أَيْ يُقَالُ لِأَهْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ: (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) أَيْ بِسَلَامَةٍ مِنَ الْعَذَابِ. وَقِيلَ: بِسَلَامٍ مِنَ اللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: بِسَلَامَةٍ مِنْ زَوَالِ النِّعَمِ. وَقَالَ: (ادْخُلُوها) وَفِي أَوَّلِ الْكَلَامِ (مَنْ خَشِيَ)، لِأَنَّ (مَنْ) تَكُونُ بِمَعْنَى الْجَمْعِ. قَوْلُهُ تعالى: (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) يَعْنِي مَا تَشْتَهِيهِ أَنْفُسُهُمْ وَتَلَذُّ أَعْيُنُهُمْ.
(وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) مِنَ النِّعَمِ مِمَّا لَمْ يَخْطِرْ عَلَى بَالِهِمْ. وَقَالَ أَنَسٌ وَجَابِرٌ: الْمَزِيدُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا كَيْفٍ. وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارٍ مَرْفُوعَةٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) [[راجع ج ٨ ص ٣٣٠.]] (وَزِيادَةٌ) قَالَ: الزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عبد الله ابن عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: تَسَارَعُوا إِلَى الجمعة فإن الله تبارك وتعالى يبرز لأهل الْجَنَّةِ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فِي كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ أَبْيَضَ فَيَكُونُونَ مِنْهُ فِي الْقُرْبِ. قَالَ ابن المبارك: على قدر تسارعهم إلى الجمعة فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: لِمُسَارَعَتِهِمْ إِلَى الْجُمَعِ فِي الدُّنْيَا، وَزَادَ (فَيُحْدِثُ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ شَيْئًا لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ قَبْلَ ذَلِكَ). قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ غَيْرَ الْمَسْعُودِيِّ يزيد فيه قوله تعالى: (وَلَدَيْنا مَزِيدٌ).
قُلْتُ: قَوْلُهُ (فِي كَثِيبٍ) يُرِيدُ أَهْلَ الْجَنَّةِ، أَيْ وَهُمْ عَلَى كُثُبٍ، كَمَا فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَنْظُرُونَ رَبَّهُمْ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ كَافُورٍ) الْحَدِيثَ. وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ (التَّذْكِرَةِ). وَقِيلَ: إِنَّ الْمَزِيدَ مَا يُزَوَّجُونَ بِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَرْفُوعًا.
{"ayahs_start":30,"ayahs":["یَوۡمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمۡتَلَأۡتِ وَتَقُولُ هَلۡ مِن مَّزِیدࣲ","وَأُزۡلِفَتِ ٱلۡجَنَّةُ لِلۡمُتَّقِینَ غَیۡرَ بَعِیدٍ","هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِیظࣲ","مَّنۡ خَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ وَجَاۤءَ بِقَلۡبࣲ مُّنِیبٍ","ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَـٰمࣲۖ ذَ ٰلِكَ یَوۡمُ ٱلۡخُلُودِ","لَهُم مَّا یَشَاۤءُونَ فِیهَا وَلَدَیۡنَا مَزِیدࣱ"],"ayah":"ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَـٰمࣲۖ ذَ ٰلِكَ یَوۡمُ ٱلۡخُلُودِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق