الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ﴾ أَيْ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ. وَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّنْوِينُ، عَنِ الزَّجَّاجِ وَغَيْرِهِ. وَفِيهِ لِلْعَرَبِ مَذْهَبٌ آخَرُ، يَقُولُونَ: رَابِعُ ثَلَاثَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الْجَرُّ وَالنَّصْبُ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ الَّذِي صَيَّرَ الثَّلَاثَةُ أَرْبَعَةً بِكَوْنِهِ مِنْهُمْ. وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ: ثَالِثُ اثْنَيْنِ، [[في ع: ثالث اثنين بالتنوين.]] جَازَ التَّنْوِينُ. وَهَذَا قَوْلُ فِرَقِ النَّصَارَى مِنَ الْمَلِكِيَّةِ [[كذا في الأصول وتقدم أنهم الملكائية.]] وَالنُّسُّطُورِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَبٌ وَابْنٌ وَرُوحُ الْقُدُسِ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَلَا يَقُولُونَ ثَلَاثَةَ آلِهَةٍ وَهُوَ مَعْنَى مَذْهَبِهِمْ، وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُونَ مِنَ الْعِبَارَةِ وَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُمْ. وَمَا كَانَ هكذا صح أن يُحْكَى بِالْعِبَارَةِ اللَّازِمَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الِابْنَ إِلَهٌ وَالْأَبَ إِلَهٌ وَرُوحَ الْقُدُسِ إِلَهٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا فِي (النِّسَاءِ) [[راجع ص ٢٣ وما بعدها من هذا الجزء.]] فَأَكْفَرَهُمُ اللَّهُ بِقَوْلِهِمْ هَذَا، [وَقَالَ [[من ج، ك، ع، هـ.]]]: (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) أَيْ أَنَّ الْإِلَهَ لَا يَتَعَدَّدُ وَهُمْ يَلْزَمُهُمُ الْقَوْلُ بِثَلَاثَةِ آلِهَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ لَفْظًا، وقد مضى في (البقرة) [[راجع ج ٢ ص ١٩٠.]] معنى الواحد. و (مِنْ) زَائِدَةٌ. وَيَجُوزُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ (إِلَهًا وَاحِدًا) عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. وَأَجَازَ الْكِسَائِيُّ الْخَفْضَ عَلَى الْبَدَلِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا﴾ أَيْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَوْلِ بِالتَّثْلِيثِ لَيَمَسَّنَّهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. (أَفَلا يَتُوبُونَ) تَقْرِيرٌ وَتَوْبِيخٌ، أَيْ فَلْيَتُوبُوا إِلَيْهِ وَلْيَسْأَلُوهُ سَتْرَ ذُنُوبِهِمْ، وَالْمُرَادُ الْكَفَرَةُ مِنْهُمْ. وَإِنَّمَا خُصَّ الْكَفَرَةُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمُ الْقَائِلُونَ بذلك دون المؤمنين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب