الباحث القرآني

الْعَامِلُ فِي "إِذْ" قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَعَذَّبْنَا﴾ أَيْ لَعَذَّبْنَاهُمْ إِذْ جَعَلُوا هَذَا. أَوْ فِعْلٌ مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ وَاذْكُرُوا. "الْحَمِيَّةَ" فَعِيلَةُ وَهِيَ الْأَنَفَةُ. يُقَالُ: حَمِيتُ عَنْ كَذَا حَمِيَّةً (بِالتَّشْدِيدِ) وَمَحْمِيَّةً إِذَا أَنِفْتَ مِنْهُ وَدَاخَلَكَ عَارٌ وَأَنَفَةٌ أَنْ تَفْعَلَهُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ: أَلَا إِنَّنِي مِنْهُمْ وَعِرْضِي عِرْضُهُمْ ... كَذِي الْأَنْفِ يَحْمِي أَنْفَهُ أَنْ يُكَشَّمَا [[الكشم: قطع الأنف باستيصال.]] أَيْ يَمْنَعُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَمِيَّتُهُمْ أَنَفَتُهُمْ مِنَ الْإِقْرَارِ لِلنَّبِيِّ ﷺ بِالرِّسَالَةِ وَالِاسْتِفْتَاحِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَمَنْعِهِمْ مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ. وَكَانَ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ كِتَابَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَمُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ: سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: حَمِيَّتُهُمْ عَصَبِيَّتُهُمْ لِآلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَنَفَةُ مِنْ أَنْ يَعْبُدُوا غَيْرَهَا. وَقِيلَ: "حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ" إِنَّهُمْ قَالُوا: قَتَلُوا أَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا ثُمَّ يَدْخُلُونَ عَلَيْنَا فِي مَنَازِلِنَا، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا يَدْخُلُهَا أَبَدًا. "فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ" أَيِ الطُّمَأْنِينَةَ وَالْوَقَارَ. "عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ". وَقِيلَ: ثَبَّتَهُمْ عَلَى الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ، وَلَمْ يُدْخِلْ قُلُوبَهُمْ مَا أَدْخَلَ قُلُوبَ أُولَئِكَ مِنَ الْحَمِيَّةِ. "وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى " قِيلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. رُوِيَ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، وَالرَّبِيعِ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ زَيْدٍ. وَقَالَهُ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَزَادَ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ". وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ أَيْضًا هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا: هِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. يَعْنِي أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمْ يُقِرُّوا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ، فَخَصَّ اللَّهُ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ. و "كَلِمَةَ التَّقْوى " هِيَ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا مِنَ الشِّرْكِ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا أَنَّ "كَلِمَةَ التَّقْوى " الْإِخْلَاصُ. "وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها" أَيْ أَحَقَّ بِهَا مِنْ كُفَّارِ مَكَّةَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَارَهُمْ لِدِينِهِ وَصُحْبَةِ نَبِيِّهِ. "وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب