الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ﴾ أَيْ وَإِذْ تُقْرَأُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ آيَاتُنَا الْمُنَزَّلَةُ فِي جَوَازِ الْبَعْثِ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ دَفْعٌ "مَا كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا" "حُجَّتَهُمْ" خَبَرُ كَانَ، وَالِاسْمُ "إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا" الْمَوْتَى نَسْأَلُهُمْ عَنْ صِدْقِ مَا تَقُولُونَ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ "قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ" يَعْنِي بَعْدَ كَوْنِكُمْ نُطَفًا أَمْوَاتًا "ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ" كَمَا أَحْيَاكُمْ فِي الدُّنْيَا. "وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" أَنَّ اللَّهَ يُعِيدُهُمْ كَمَا بَدَأَهُمْ. الزَّمَخْشَرِيُّ:" فَإِنْ قُلْتَ لِمَ سَمَّى قَوْلَهُمْ حُجَّةً وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ؟ قُلْتُ: لِأَنَّهُمْ أَدْلَوْا بِهِ كَمَا يُدْلِي الْمُحْتَجُّ بِحُجَّتِهِ، وَسَاقُوهُ مَسَاقَهَا فَسُمِّيَتْ حُجَّةٌ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ. أَوْ لِأَنَّهُ فِي حُسْبَانِهِمْ وَتَقْدِيرِهِمْ حُجَّةٌ. أَوْ لِأَنَّهُ فِي أُسْلُوبِ قَوْلِهِ: تَحِيَّةٌ بَيْنَهُمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ [[هذا عجز بيت لعمرو بن معد يكرب. وصدره: وخيل قد دلفت لها بخيل يقول: إذا تلاقوا في الحرب جعلوا بدلا من تحية بعضهم لبعض الضرب الوجيع. ودلفت: زحفت. والدليف: مقاربة الخطو في المشي.]] كَأَنَّهُ قِيلَ: مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا مَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَالْمُرَادُ نَفْيَ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ الْبَتَّةَ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ وَقَعَ قَوْلُهُ "قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ" جَوَابُ "ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ"؟ قُلْتُ: لَمَّا أَنْكَرُوا الْبَعْثَ وَكَذَّبُوا الرُّسُلَ، وَحَسِبُوا أَنَّ مَا قَالُوهُ قَوْلَ مُبَكِّتٍ أُلْزِمُوا مَا هُمْ مُقِرُّونَ بِهِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ الَّذِي يُحْيِيهِمْ ثُمَّ يُمِيتُهُمْ، وَضَمَّ إِلَى إِلْزَامِ ذَلِكَ إِلْزَامَ مَا هُوَ وَاجِبُ الْإِقْرَارِ بِهِ إِنْ أَنْصَفُوا وَأَصْغَوْا إِلَى دَاعِي الْحَقِّ وَهُوَ جَمْعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِآبَائِهِمْ، وكان أهون شيء عليه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب