الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ "رَبِّ" بِالْجَرِّ. الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ، رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ "إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ". وَإِنْ شِئْتَ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. أو يكون خبر ابتداء محذوف، تقديره: هو رب السموات وَالْأَرْضِ. وَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ "رَبِّكَ" وَكَذَلِكَ "رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ" بِالْجَرِّ فِيهِمَا، رَوَاهُ الشَّيْزَرِيُّ [[هو عيسى بن سليمان أبو موسى الحجازي، كان حجازيا ثم انتقل إلى شيزر (كحيدر، بلدة قرب حماة) وأقام بها إلى أن مات فنسب إليها، أخذ القراءة عرضا وسماعا من الكسائي، وله عنه انفرادات. (غاية النهاية).]] عَنِ الْكِسَائِيِّ. الْبَاقُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ. ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِطَابُ مَعَ المعترف بأن الله خلق السموات وَالْأَرْضَ، أَيْ إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ بِهِ فَاعْلَمُوا أَنَّ لَهُ أَنْ يُرْسِلَ الرُّسُلَ، وَيُنْزِلَ الْكُتُبَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ مَعَ مَنْ لَا يَعْتَرِفُ أَنَّهُ الْخَالِقُ، أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ الْخَالِقُ، وَأَنَّهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ. وَقِيلَ: الموقن ها هنا هُوَ الَّذِي يُرِيدُ الْيَقِينَ وَيَطْلُبُهُ، كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ يُنْجِدُ، أَيْ يُرِيدُ نَجْدًا. وَيُتْهِمُ، أَيْ يُرِيدُ تِهَامَةَ. "لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ" أَيْ هُوَ خَالِقُ الْعَالَمِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ على خلق شي. و "هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ" أَيْ يُحْيِي الْأَمْوَاتَ وَيُمِيتُ الْأَحْيَاءَ. "رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ" أَيْ مَالِكُكُمْ وَمَالِكُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْكُمْ. وَاتَّقُوا تَكْذِيبَ مُحَمَّدٍ لِئَلَّا يَنْزِلَ بِكُمُ الْعَذَابُ. "بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ" أَيْ لَيْسُوا عَلَى يَقِينٍ فِيمَا يُظْهِرُونَهُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِقْرَارِ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ اللَّهَ خالقهم، وإنما يَقُولُونَهُ لِتَقْلِيدِ [[في أز ك ل هـ: لتقليد الآباء لهم. وفي ن: تقليدا لآبائهم.]] آبَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَهُمْ فِي شَكٍّ. وَإِنْ تَوَهَّمُوا أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ فَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي دِينِهِمْ بِمَا يَعِنُّ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ. وَقِيلَ: "يَلْعَبُونَ" يُضِيفُونَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ الِافْتِرَاءَ اسْتِهْزَاءً. وَيُقَالُ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الْمَوَاعِظِ: لَاعِبٌ، وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الَّذِي يَلْعَبُ فَيَفْعَلُ مَا لَا يَدْرِي عَاقِبَتَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب