الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَفِيٌّ بِهِمْ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: بَارٌّ بِهِمْ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: رَفِيقٌ بِهِمْ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لَطِيفٌ بِالْبَرِّ وَالْفَاجِرِ، حَيْثُ لَمْ يَقْتُلْهُمْ جُوعًا بِمَعَاصِيهِمْ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: لَطِيفٌ بِهِمْ فِي الْعَرْضِ وَالْمُحَاسَبَةِ. قَالَ: غَدًا عِنْدَ مَوْلَى الْخَلْقِ لِلْخَلْقِ مَوْقِفٌ ... يُسَائِلُهُمْ فِيهِ الْجَلِيلُ وَيَلْطُفُ وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ: يَلْطُفُ بِهِمْ فِي الرِّزْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا- أَنَّهُ جَعَلَ رِزْقَكَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ. وَالثَّانِي- أَنَّهُ لم يدفعه إليك مرة واحدة فتبذوه. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: لَطِيفٌ بِهِمْ فِي القرآن وتفصيله وتفسيره. وقال الجنيد: لطيف بِأَوْلِيَائِهِ حَتَّى عَرَفُوهُ، وَلَوْ لَطَفَ بِأَعْدَائِهِ لَمَا جَحَدُوهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَتَّانِيُّ: اللَّطِيفُ بِمَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا يَئِسَ من الخلق توكل عليه وَرَجَعَ إِلَيْهِ، فَحِينَئِذٍ يَقْبَلُهُ وَيُقْبِلُ عَلَيْهِ. وَجَاءَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَطَّلِعُ عَلَى الْقُبُورِ الدَّوَارِسِ فيقول عز وجل امَّحَتْ آثَارُهُمْ وَاضْمَحَلَّتْ صُوَرُهُمْ وَبَقِيَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ وَأَنَا اللَّطِيفُ وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ خَفِّفُوا عَنْهُمُ الْعَذَابَ فَيُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابَ (. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الثَّقَفِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمُرُّ بِأَفْنَاءِ الْقُبُورِ كَأَنَّنِي ... أَخُو فِطْنَةٍ وَالثَّوَابُ فِيهِ نَحِيفُ وَمَنْ شَقَّ فَاهُ اللَّهُ قَدَّرَ رِزْقَهُ ... وَرَبِّي بِمَنْ يَلْجَأُ إِلَيْهِ لَطِيفُ وَقِيلَ: اللَّطِيفُ الَّذِي يَنْشُرُ مِنْ عِبَادِهِ الْمَنَاقِبَ وَيَسْتُرُ عَلَيْهِمُ الْمَثَالِبَ، وَعَلَى هَذَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (يَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِيلَ وَسَتَرَ الْقَبِيحَ). وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ الْقَلِيلَ وَيَبْذُلُ الْجَزِيلَ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَجْبُرُ الْكَسِيرَ وَيُيَسِّرُ الْعَسِيرَ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُخَافُ إِلَّا عَدْلُهُ وَلَا يُرْجَى إِلَّا فَضْلُهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَبْذُلُ لِعَبْدِهِ النِّعْمَةَ فَوْقَ الْهِمَّةِ وَيُكَلِّفُهُ الطَّاعَةَ فَوْقَ الطَّاقَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوها﴾[[آية ٣٤ سورة إبراهيم.]] [النحل: ١٨] ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً﴾[[آية ٢٠ سورة لقمان.]] [لقمان: ٢٠]، وَقَالَ: ﴿وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾[[آية ٧٨ سورة الحج.]] [الحج: ٧٨]، ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾[[آية ٢٨ سورة النساء.]] [النساء: ٢٨]. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يُعِينُ عَلَى الْخِدْمَةِ وَيُكْثِرُ الْمِدْحَةَ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يُعَاجِلُ مَنْ عَصَاهُ وَلَا يُخَيِّبُ مَنْ رَجَاهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَرُدُّ سَائِلَهُ وَلَا يُوئِسُ آمِلَهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَعْفُو عَمَّنْ يَهْفُو. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُ نَفْسَهُ. وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي أَوْقَدَ فِي أَسْرَارِ الْعَارِفِينَ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ سِرَاجًا، وَجَعَلَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ لَهُمْ مِنْهَاجًا، وَأَجْزَلَ لَهُمْ مِنْ سَحَائِبِ بِرِّهِ مَاءً ثَجَّاجًا. وَقَدْ مَضَى فِي "الْأَنْعَامِ" قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالْجُنَيْدِ أَيْضًا [[راجع ج ٧ ص ٥٧ طبعه أولى أو ثانية.]]. وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمِيعَ هَذَا فِي (الْكِتَابِ الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى) عِنْدَ اسْمِهِ اللَّطِيفِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. "يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ" وَيَحْرِمُ مَنْ يَشَاءُ. وَفِي تَفْضِيلِ قوم بالمال حكمة، ليحتاج الْبَعْضُ إِلَى الْبَعْضِ، كَمَا قَالَ: ﴿لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا﴾[[آية ٣٢ سورة الزخرف.]] [الزخرف: ٣٢]، فَكَانَ هَذَا لُطْفًا بِالْعِبَادِ. وَأَيْضًا لِيَمْتَحِنَ الْغَنِيَّ بِالْفَقِيرِ وَالْفَقِيرَ بِالْغَنِيِّ، كَمَا قَالَ: ﴿وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ﴾ [الفرقان: ٢٠] عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ [[آية ٢٠ سورة الفرقان. راجع ج ١٣ ص (١٨)]]. "وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب