الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ أَإِنَّكُمْ "بِهَمْزَتَيْنِ الثَّانِيَةُ بين بين و" أَإِنَّكُمْ "بِأَلِفٍ بَيْنَ هَمْزَتَيْنِ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ. أَمَرَهُ بِتَوْبِيخِهِمْ وَالتَّعَجُّبِ مِنْ فِعْلِهِمْ، أَيْ لِمَ تكفرون بالله وهو خالق السموات وَالْأَرْضِ؟! " فِي يَوْمَيْنِ "الْأَحَدُ وَالِاثْنَيْنِ." وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً "أَيْ أَضْدَادًا وَشُرَكَاءَ" ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ." "وَجَعَلَ فِيها" أَيْ فِي الْأَرْضِ "رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها" يَعْنِي الْجِبَالَ. وَقَالَ وَهْبٌ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ مَادَتْ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، فَقَالَ لِجِبْرِيلَ ثَبِّتْهَا يَا جِبْرِيلُ. فَنَزَلَ فَأَمْسَكَهَا فَغَلَبَتْهُ الرِّيَاحُ، قَالَ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ لَقَدْ غُلِبْتُ فِيهَا فَثَبَّتَهَا بِالْجِبَالِ وَأَرْسَاهَا "وَبارَكَ فِيها" بِمَا خَلَقَ فِيهَا مِنَ الْمَنَافِعِ. قَالَ السُّدِّيُّ: أَنْبَتَ فِيهَا شَجَرَهَا. "وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها" قَالَ السُّدِّيُّ وَالْحَسَنُ: أَرْزَاقُ أَهْلِهَا وَمَصَالِحُهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ: خَلَقَ فِيهَا أَنْهَارَهَا وَأَشْجَارَهَا وَدَوَابَّهَا فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ: مَعْنَى "قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها" أَيْ أَرْزَاقُ أَهْلِهَا وَمَا يَصْلُحُ لِمَعَايِشِهِمْ مِنَ التِّجَارَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَالْمَنَافِعِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مَا لَمْ يَجْعَلْهُ فِي الْأُخْرَى لِيَعِيشَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالتِّجَارَةِ وَالْأَسْفَارِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. قَالَ عِكْرِمَةُ: حَتَّى إِنَّهُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لَيَتَبَايَعُونَ الذَّهَبَ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: السَّابِرِيُّ مِنْ سَابُورَ، وَالطَّيَالِسَةُ مِنَ الرَّيِّ، وَالْحُبُرُ الْيَمَانِيَةُ مِنَ الْيَمَنِ. "فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ" يَعْنِي فِي تَتِمَّةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. وَمِثَالُهُ قَوْلُ الْقَائِلِ: خَرَجْتُ مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى بَغْدَادَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَإِلَى الْكُوفَةِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَيْ فِي تَتِمَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قَالَ مَعْنَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَغَيْرُهُ. "سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ" قَالَ الْحَسَنُ: الْمَعْنَى فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مُسْتَوِيَةٍ تَامَّةٍ. الْفَرَّاءُ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْمَعْنَى: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا سَوَاءً لِلْمُحْتَاجِينَ. وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، الْبَصْرِيُّ وَيَعْقُوبُ الْحَضْرَمِيُّ "سَوَاءٍ لِلسَّائِلِينَ" بِالْجَرِّ وَعَنِ ابْنِ الْقَعْقَاعِ "سَوَاءٌ" بِالرَّفْعِ، فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَ "سَوَاءً" بِمَعْنَى اسْتِوَاءٍ أَيِ اسْتَوَتِ اسْتِوَاءً. وَقِيلَ: عَلَى الْحَالِ وَالْقَطْعِ، وَالْجَرُّ عَلَى النَّعْتِ لِأَيَّامٍ أَوْ لِأَرْبَعَةٍ أَيْ "فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ" مُسْتَوِيَةٍ تَامَّةٍ. وَالرَّفْعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ "لِلسَّائِلِينَ" أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ هَذِهِ "سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ". وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: مَعْنَى "سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ" وَلِغَيْرِ السَّائِلِينَ، أَيْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا لِمَنْ سَأَلَ وَلِمَنْ لَمْ يَسْأَلْ، وَيُعْطِي مَنْ سَأَلَ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ﴾ أَيْ عَمَدَ إِلَى خَلْقِهَا وَقَصَدَ لِتَسْوِيَتِهَا. وَالِاسْتِوَاءُ مِنْ صِفَةِ الْأَفْعَالِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَقْوَالِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ﴾ [البقرة: ٢٩] وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ هُنَاكَ [[راجع ج ١ ص ٢٥٤ وما بعدها طبعه ثانية أو ثالثة.]]. وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: "ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ" يَعْنِي صَعِدَ أَمْرُهُ إِلَى السَّمَاءِ، وقال الْحَسَنُ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ زَائِدَةٌ قَالَ: اسْتَوَى فِي الْأَزَلِ بِصِفَاتِهِ. وَ "ثُمَّ" تَرْجِعُ إِلَى نَقْلِ السَّمَاءِ مِنْ صِفَةِ الدُّخَانِ إِلَى حَالَةِ الْكَثَافَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ الدُّخَانُ مِنْ تَنَفُّسِ الْمَاءِ حِينَ تَنَفَّسَ، عَلَى مَا مَضَى فِي [الْبَقَرَةِ] عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ. "فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً" أَيْ جِيئَا بِمَا خَلَقْتُ فِيكُمَا مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْمَصَالِحِ وَأَخْرِجَاهَا لِخَلْقِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ اللَّهُ تعالى للسماء: أطلعي شمسك وَقَمَرَكِ وَكَوَاكِبَكِ، وَأَجْرِي رِيَاحَكِ وَسَحَابَكِ، وَقَالَ لِلْأَرْضِ: شُقِّي أَنْهَارَكِ وَأَخْرِجِي شَجَرَكِ وَثِمَارَكِ طَائِعَتَيْنِ أَوْ كَارِهَتَيْنِ "قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ" فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ أَتَيْنَا أَمْرَكَ "طَائِعِينَ". وَقِيلَ: مَعْنَى هَذَا الْأَمْرِ التَّسْخِيرُ، أَيْ كُونَا فَكَانَتَا كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠] فَعَلَى هَذَا قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ خَلْقِهِمَا. وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ خَلْقِهِمَا. وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَهُمَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَوْلٌ تَكَلَّمَ بِهِ. الثَّانِي أَنَّهَا قُدْرَةٌ مِنْهُ ظَهَرَتْ لَهُمَا فَقَامَ مَقَامَ الْكَلَامِ فِي بُلُوغِ الْمُرَادِ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. "قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ" فِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ظُهُورُ الطَّاعَةِ مِنْهُمَا حَيْثُ انْقَادَا وَأَجَابَا فَقَامَ مَقَامَ قَوْلِهِمَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
امْتَلَأَ الْحَوْضُ وَقَالَ قَطْنِي ... - مَهْلًا رُوَيْدًا قَدْ مَلَأْتُ بَطْنِي
يَعْنِي ظَهَرَ ذَلِكَ فِيهِ. وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: بَلْ خَلَقَ اللَّهُ فِيهِمَا الْكَلَامَ فَتَكَلَّمَتَا كَمَا أَرَادَ تَعَالَى: قَالَ أَبُو نَصْرٍ السَّكْسَكِيُّ: فَنَطَقَ مِنَ الْأَرْضِ مَوْضِعُ الْكَعْبَةِ، وَنَطَقَ مِنَ السَّمَاءِ مَا بِحِيَالِهَا، فَوَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ حَرَمَهُ. وَقَالَ: "طَائِعِينَ" وَلَمْ يَقُلْ طَائِعَتَيْنِ عَلَى اللَّفْظِ وَلَا طَائِعَاتٍ عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّهُمَا سَمَوَاتٌ وَأَرَضُونَ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُمَا وَعَمَّنْ فِيهِمَا، وَقِيلَ: لَمَّا وَصَفَهُنَّ بِالْقَوْلِ وَالْإِجَابَةِ وَذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ مَنْ يَعْقِلُ أَجْرَاهُمَا فِي الْكِنَايَةِ مَجْرَى مَنْ يَعْقِلُ، ومثله: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ﴾ [يوسف: ٤] وَقَدْ تَقَدَّمَ [[راجع ج ٧ ص ٣٤٤ وج ٩ ص ١٢٢ طبعه أولى أو ثانية.]]. وَفِي حَدِيثٍ: إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: يَا رَبِّ لَوْ أَنَّ السموات وَالْأَرْضَ حِينَ قُلْتَ لَهُمَا "ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً" عَصَيَاكَ مَا كُنْتَ صَانِعًا بِهِمَا؟ قَالَ كُنْتُ آمُرُ دَابَّةً مِنْ دَوَابِّي فَتَبْتَلِعُهُمَا. قَالَ: يَا رَبِّ وَأَيْنَ تِلْكَ الدَّابَّةُ؟ قَالَ: فِي مَرْجٍ مِنْ مُرُوجِي. قَالَ: يَا رَبِّ وَأَيْنَ ذَلِكَ الْمَرْجُ؟ قَالَ عِلْمٌ مِنْ عِلْمِي. ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ "آتَيَا" بِالْمَدِّ وَالْفَتْحِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "آتَيْنَا طَائِعِينَ" عَلَى مَعْنَى أَعْطِيَا الطَّاعَةَ مِنْ أَنْفُسِكُمَا "قالَتا" أَعْطَيْنَا "طَائِعِينَ" فَحَذَفَ الْمَفْعُولَيْنِ جَمِيعًا. وَيَجُوزُ وَهُوَ أَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ "آتَيْنَا" فَاعَلْنَا فَحُذِفَ مَفْعُولٌ وَاحِدٌ. وَمَنْ قَرَأَ "آتَيْنَا" فَالْمَعْنَى جِئْنَا بِمَا فِينَا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ في غير ما موضع والحمد لله.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾ أَيْ أَكْمَلَهُنَّ وَفَرَغَ مِنْهُنَّ. وَقِيلَ. أَحْكَمَهُنَّ كَمَا قال [[هو أبو ذؤيب الهذلي. والصنع بفتحتين الحاذق.]]:
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا ... - دَاوُدُ أَوْ صَنَعَ السَّوَابِغَ تُبَّعُ
"فِي يَوْمَيْنِ" سِوَى الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي خلق فيها الأرض، فوقع خلق السموات وَالْأَرْضِ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ [الأعراف: ٥٤] عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [الْأَعْرَافِ [[راجع ج ٧ ص ٢١٩ طبعه أولى أو ثانية.]]] بَيَانُهُ. قَالَ مُجَاهِدٌ: وَيَوْمٌ مِنَ السِّتَّةِ الْأَيَّامِ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، وَقَدَّرَ فيها أقواتها في يومين، وخلق السموات فِي يَوْمَيْنِ، خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ والاثنين، وقدر فيها أقواتها في يومين، وخلق السموات فِي يَوْمَيْنِ، خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الأربعاء، وخلق السموات فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَآخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ فِي عَجَلٍ، وَهِيَ الَّتِي تَقُومُ فِيهَا السَّاعَةُ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تَفْزَعُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا الْإِنْسَ وَالْجِنَّ. عَلَى هَذَا أَهْلُ التَّفْسِيرِ، إِلَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِيَدَيَّ، فَقَالَ: "خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ" الْحَدِيثُ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى إِسْنَادِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) [[راجع ج ٦ ص ٣٨٤ طبعه أولى أو ثانية.]]. "وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها" قَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: خَلَقَ فِيهَا شَمْسَهَا وَقَمَرَهَا وَنُجُومَهَا وَأَفْلَاكَهَا، وَخَلَقَ فِي كُلِّ سَمَاءٍ خَلْقَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْخَلْقِ الَّذِي فِيهَا مِنَ الْبِحَارِ وَجِبَالِ الْبَرَدِ وَالثُّلُوجِ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَلِلَّهِ فِي كُلِّ سَمَاءٍ بَيْتٌ تَحُجُّ إِلَيْهِ وَتَطُوفُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ بِحِذَاءِ الْكَعْبَةِ، وَالَّذِي فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا هُوَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ. وَقِيلَ: أَوْحَى اللَّهُ فِي كُلِّ سَمَاءٍ، أَيْ أَوْحَى فِيهَا مَا أَرَادَهُ وَمَا أَمَرَ بِهِ فِيهَا. وَالْإِيحَاءُ قَدْ يَكُونُ أَمْرًا، لِقَوْلِهِ: ﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها﴾ [الزلزلة: ٥] وقوله: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ﴾ [المائدة: ١١١] أي أمرتهم وهو أمر تكوين. "وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ" أَيْ بِكَوَاكِبَ تُضِيءُ وَقِيلَ: إِنَّ فِي كُلِّ سَمَاءٍ كَوَاكِبَ تُضِيءُ. وَقِيلَ: بَلِ الْكَوَاكِبُ مُخْتَصَّةٌ بِالسَّمَاءِ الدُّنْيَا. "وَحِفْظاً" أَيْ وَحَفِظْنَاهَا حِفْظًا، أَيْ مِنَ الشَّيَاطِينِ الَّذِينَ يسترقون السمع. وهذا لا لحفظ بِالْكَوَاكِبِ الَّتِي تُرْجَمُ بِهَا الشَّيَاطِينُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [الْحِجْرِ [[راجع ج ١٠ ص ١٠ طبعه أولى أو ثانية.]]] بَيَانُهُ. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ خُلِقَتْ قَبْلَ السَّمَاءِ. وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿أَمِ السَّماءُ بَناها﴾ [النازعات: ٢٧] ثم قال: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها﴾ [النازعات: ٣٠] وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خَلْقِ السَّمَاءِ أَوَّلًا. وَقَالَ قَوْمٌ: خُلِقَتِ الْأَرْضُ قَبْلَ السَّمَاءِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها﴾ [النازعات: ٣٠] فَالدَّحْوُ غَيْرُ الْخَلْقِ، فَاللَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ أَيْ مَدَّهَا وبسطها، قال ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى مُجَوَّدًا فِي "الْبَقَرَةِ" [[راجع ج ١ ص ٢٥٥ وما بعدها طبعه ثانية أو ثالثة.]] وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. "ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ".
{"ayahs_start":9,"ayahs":["۞ قُلۡ أَىِٕنَّكُمۡ لَتَكۡفُرُونَ بِٱلَّذِی خَلَقَ ٱلۡأَرۡضَ فِی یَوۡمَیۡنِ وَتَجۡعَلُونَ لَهُۥۤ أَندَادࣰاۚ ذَ ٰلِكَ رَبُّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","وَجَعَلَ فِیهَا رَوَ ٰسِیَ مِن فَوۡقِهَا وَبَـٰرَكَ فِیهَا وَقَدَّرَ فِیهَاۤ أَقۡوَ ٰتَهَا فِیۤ أَرۡبَعَةِ أَیَّامࣲ سَوَاۤءࣰ لِّلسَّاۤىِٕلِینَ","ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰۤ إِلَى ٱلسَّمَاۤءِ وَهِیَ دُخَانࣱ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِیَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهࣰا قَالَتَاۤ أَتَیۡنَا طَاۤىِٕعِینَ","فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَاتࣲ فِی یَوۡمَیۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِی كُلِّ سَمَاۤءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَحِفۡظࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"],"ayah":"فَقَضَىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَـٰوَاتࣲ فِی یَوۡمَیۡنِ وَأَوۡحَىٰ فِی كُلِّ سَمَاۤءٍ أَمۡرَهَاۚ وَزَیَّنَّا ٱلسَّمَاۤءَ ٱلدُّنۡیَا بِمَصَـٰبِیحَ وَحِفۡظࣰاۚ ذَ ٰلِكَ تَقۡدِیرُ ٱلۡعَزِیزِ ٱلۡعَلِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق