الباحث القرآني

فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣) أَيْ (فَكَيْفَ) يَكُونُ حَالُهُمْ، أَوْ (فَكَيْفَ) يَصْنَعُونَ (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) أَيْ مِنْ ترك بِهِمْ، وَمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الذُّلِّ فِي قَوْلِهِ: (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا [[راجع ج ٨ ص ٢١٧.]]). وَقِيلَ: يُرِيدُ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) وتم الكلام. ثم ابتد يُخْبِرُ عَنْ فِعْلِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا قَتَلَ صَاحِبَهُمْ جَاءَ قَوْمُهُ يَطْلُبُونَ دِيَتَهُ وَيَحْلِفُونَ مَا نُرِيدُ بِطَلَبِ دِيَتِهِ إِلَّا الْإِحْسَانَ وَمُوَافَقَةَ الْحَقِّ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مَا أَرَدْنَا بِالْعُدُولِ عَنْكَ فِي الْمُحَاكَمَةِ إِلَّا التَّوْفِيقَ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَالْإِحْسَانَ بالتقريب في الحكم. ابن كيسان: عدلا وَحَقًّا، نَظِيرُهَا (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى [[راجع ج ٨ ص ٢٥٢ فما بعدها.]]) فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُكَذِّبًا لَهُمْ: (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ) قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ. وَالْفَائِدَةُ لَنَا: اعْلَمُوا أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ. (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) قِيلَ: عقابهم. وقيل: عن قبول اعتذارهم (عِظْهُمْ) أَيْ خَوِّفْهُمْ. قِيلَ فِي الْمَلَا. (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً) أَيِ ازْجُرْهُمْ بِأَبْلَغِ الزَّجْرِ فِي السِّرِّ وَالْخَلَاءِ. الْحَسَنُ: قُلْ لَهُمْ إِنْ أَظْهَرْتُمْ مَا فِي قُلُوبِكُمْ قَتَلْتُكُمْ. وَقَدْ بَلُغَ الْقَوْلُ بَلَاغَةً، وَرَجُلٌ بَلِيغٌ يُبْلِغُ بِلِسَانِهِ كُنْهَ مَا فِي قَلْبِهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَحْمَقُ بَلْغٌ وَبِلْغٌ، أَيْ نِهَايَةٌ فِي الْحَمَاقَةِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَبْلُغُ مَا يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ أَحْمَقَ. وَيُقَالُ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: (فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) نَزَلَ فِي شَأْنِ الَّذِينَ بَنَوْا مَسْجِدَ الضِّرَارِ [[هو مسجد بقباء، وهى قرية على بعد ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة، وهذا المسجد يتطوع العوام بهدمه. (معجم البلدان).]]، فَلَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ نِفَاقَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِهَدْمِ الْمَسْجِدِ حَلَفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ دِفَاعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ: مَا أَرَدْنَا بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ إِلَّا طَاعَةَ اللَّهِ وموافقة الكتاب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب