الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً﴾ أَيْ ذَنْبًا (فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ) أَيْ عَاقِبَتُهُ عَائِدَةٌ عَلَيْهِ. وَالْكَسْبُ مَا يجربه الْإِنْسَانُ إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ بِهِ ضَرَرًا، وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى فِعْلُ الرَّبِّ تَعَالَى كَسْبًا. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً﴾ قِيلَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كُرِّرَ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ تَأْكِيدًا. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا فَرْقُ بَيْنَ الْخَطِيئَةِ وَالْإِثْمِ أَنَّ الْخَطِيئَةَ تَكُونُ عَنْ عمد وعن غير عَمْدٍ، وَالْإِثْمُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ عَمْدٍ. وَقِيلَ: الْخَطِيئَةُ مَا لَمْ تَتَعَمَّدْهُ [خَاصَّةً [[كذا في اوفى ج وز وط وى: ما لم يتعمد خاصة. وفى ح: ما لم تتعمد.]]] كَالْقَتْلِ بِالْخَطَأِ. وَقِيلَ: الْخَطِيئَةُ الصَّغِيرَةُ، وَالْإِثْمُ الْكَبِيرَةُ، وَهَذِهِ الْآيَةُ لَفْظُهَا عَامٌّ يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ أَهْلُ النَّازِلَةِ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً﴾ قد تقدم اسم البرئ [فِي الْبَقَرَةِ [[من ج. راجع ج ١ ص ٤٠٢.]]]. وَالْهَاءُ فِي (بِهِ) لِلْإِثْمِ أَوْ لِلْخَطِيئَةِ. لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْإِثْمُ، أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا. وَقِيلَ: تَرْجِعُ إِلَى الْكَسْبِ. (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) تَشْبِيهٌ، إِذِ الذُّنُوبُ ثِقَلٌ وَوِزْرٌ فَهِيَ كَالْمَحْمُولَاتِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ [[راجع ج ١٣ ص ٣٣٠.]] (. وَالْبُهْتَانُ مِنَ الْبَهْتِ [[البهت الدهش والتحير من فظاعة ما رمى به من كذب.]]، وَهُوَ أَنْ تَسْتَقْبِلَ أَخَاكَ بِأَنْ تَقْذِفَهُ بِذَنْبٍ وَهُوَ منه برئ. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:) أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ (؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:) ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ (. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ:) إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ (. وَهَذَا نَصٌّ، فَرَمْيُ البرئ بَهْتٌ لَهُ. يُقَالُ: بَهَتُّهُ بَهْتًا وَبَهَتًا وَبُهْتَانًا إِذَا قَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ. وَهُوَ بَهَّاتٌ وَالْمَقُولُ لَهُ مَبْهُوتٌ. وَيُقَالُ: بَهِتَ الرَّجُلُ (بِالْكَسْرِ) إِذَا دَهَشَ وَتَحَيَّرَ. وَبَهُتَ (بِالضَّمِّ) مِثْلُهُ، وَأَفْصَحُ مِنْهُمَا بُهِتَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ [[راجع ج ٣ ص ٢٨٦.]]) لِأَنَّهُ يُقَالُ: رَجُلٌ مَبْهُوتٌ [[في ج: بهوت.]] وَلَا يُقَالُ: بَاهِتٌ وَلَا بَهِيتٌ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب