الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ﴾ أَيْ ولين سَأَلْتَهُمْ يَا مُحَمَّدُ "مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ" بَيَّنَ أَنَّهُمْ مَعَ عِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ مُقِرُّونَ بِأَنَّ الْخَالِقَ هُوَ اللَّهُ، وَإِذَا كَانَ اللَّهُ هُوَ الْخَالِقُ فَكَيْفَ يُخَوِّفُونَكَ بِآلِهَتِهِمُ الَّتِي هِيَ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ الذي خلقها وخلق السموات وَالْأَرْضَ. "قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ" أَيْ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ بِهَذَا "أَفَرَأَيْتُمْ" إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ "بِشِدَّةٍ وَبَلَاءٍ" هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ "يَعْنِي هَذِهِ الْأَصْنَامَ" أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ نِعْمَةٍ وَرَخَاءٍ "هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ" قَالَ مُقَاتِلٌ: فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ فَسَكَتُوا. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالُوا لَا تَدْفَعُ شَيْئًا قدره الله ولكنها تشفع. فنزلت" قل حسى وَتَرَكَ الْجَوَابَ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ يَعْنِي فَسَيَقُولُونَ لَا (أَيْ لَا تَكْشِفُ وَلَا تُمْسِكُ) [[الزيادة من حاشية الجمل نقلا ع القرطبي.]] فَ "قُلْ" أَنْتَ "حَسْبِيَ اللَّهُ" أَيْ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ أَيِ اعْتَمَدْتُ وَ "عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ" يَعْتَمِدُ الْمُعْتَمِدُونَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ [[راجع ج ٤ ص ١٨٩ وص ٢٥٣ طبعه أولى أو ثانية.]] فِي التَّوَكُّلِ. وَقَرَأَ نافع وابن كثير والكوفون ما عدا عاصما "كاشفات ضره" بغيره تنوين. وقرا أبو عمرووشيبه وهر الْمَعْرُوفَةُ مِنْ قِرَاءَةِ الْحَسَنِ وَعَاصِمٍ "هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ". "مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ" بِالتَّنْوِينِ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي حَاتِمٍ، لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ فِي مَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ التَّنْوِينُ أَجْوَدَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
الضَّارِبُونَ عميرا عن بيوتهم ... وبالليل يَوْمَ عُمَيْرٌ ظَالِمٌ عَادِي
. وَلَوْ كَانَ مَاضِيًا لَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّنْوِينُ، وَحَذْفُ التَّنْوِينِ عَلَى التحقيق فإذا حذفت التنوين لي يَبْقَ بَيْنَ الِاسْمَيْنِ حَاجِزٌ فَخَفَضْتَ الثَّانِي بِالْإِضَافَةِ. وَحَذْفُ التَّنْوِينِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَوْجُودٌ حَسَنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ" وقال: "إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ" قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِثْلُ ذَلِكَ "غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ" وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لحاجتنا ... واو عَبْدِ رَبٍّ أَخَا عَوْنِ بْنِ مِخْرَاقِ
وَقَالَ النابغة:
أحكم كحكم فتاه الحي إذ نظرات ... وإلى حَمَامٍ شَرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ [[يقول الشاعر للنعمان بن المنذر وكان واجدا عليه: كن حكيما في أمرى كحكم زرقاء اليمامة في حزرها للحمام التي مرت طائرة بها. وخبرها مشهور. والشراع: الموضع الذي ينحدر منه إلى الماء والثمد: الماء القليل على وجه الأرض.]]
مَعْنَاهُ وَارِدٍ الثَّمَدَ فَحُذِفَ التَّنْوِينُ، مِثْلَ "كاشِفاتُ ضُرِّهِ." قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ﴾ أي مَكَانَتِي أَيْ عَلَى جِهَتِي الَّتِي تَمَكَّنَتْ عِنْدِي "فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ." وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ بِالْجَمْعِ "مَكَانَاتِكُمْ". وقد مضى في "الأنعام." [[راجع ج ٧ ص ٨٩ طبعه أولى أو ثانية.]] "مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ" أَيْ يُهِينُهُ وَيُذِلُّهُ أَيْ فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ بِالْجُوعِ وَالسَّيْفِ. "وَيَحِلُّ عَلَيْهِ" أي في الآخرة "عَذابٌ مُقِيمٌ." قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَوْفًى في غير موضع [[راجع ج ٨ ص ٣٨٨ وما بعدها طبعه أولى أو ثانية.]].
{"ayahs_start":38,"ayahs":["وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَرَءَیۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنۡ أَرَادَنِیَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَـٰشِفَـٰتُ ضُرِّهِۦۤ أَوۡ أَرَادَنِی بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَـٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ قُلۡ حَسۡبِیَ ٱللَّهُۖ عَلَیۡهِ یَتَوَكَّلُ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ","قُلۡ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡمَلُوا۟ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمۡ إِنِّی عَـٰمِلࣱۖ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ","مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَیَحِلُّ عَلَیۡهِ عَذَابࣱ مُّقِیمٌ","إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ لِلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیۡهَاۖ وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلٍ"],"ayah":"مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَیَحِلُّ عَلَیۡهِ عَذَابࣱ مُّقِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق