الباحث القرآني

مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً﴾ أَيْ قَدْ رَأَوْا هذه الآيات من قدوتنا، ثُمَّ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِنَا آلِهَةً لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى فِعْلٍ. "لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ" أَيْ لِمَا يرجون من نصرتها لَهُمْ إِنْ نَزَلَ بِهِمْ عَذَابٌ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ: لَعَلَّهُ أَنْ يَفْعَلَ. "لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ" يَعْنِي الْآلِهَةَ. وَجَمَعُوا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِخَبَرِ الْآدَمِيِّينَ. "وَهُمْ" يَعْنِي الْكُفَّارَ "لَهُمْ" أَيْ لِلْآلِهَةِ "جُنْدٌ مُحْضَرُونَ" قَالَ الْحَسَنُ: يَمْنَعُونَ مِنْهُمْ وَيَدْفَعُونَ عَنْهُمْ. وَقَالَ قَتَادَةُ: أَيْ يَغْضَبُونَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْآلِهَةَ وَيَقُومُونَ بِهَا، فَهُمْ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الْجُنْدِ وَهِيَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْصُرَهُمْ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى. وَقِيلَ: إِنَّ الْآلِهَةَ جُنْدٌ لِلْعَابِدِينَ مُحْضَرُونَ مَعَهُمْ فِي النَّارِ. فَلَا يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَهَذِهِ الْأَصْنَامُ لِهَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ جُنْدُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي جَهَنَّمَ، لِأَنَّهُمْ يَلْعَنُونَهُمْ وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْ عِبَادَتِهِمْ. وَقِيلَ: الْآلِهَةُ جُنْدٌ لَهُمْ مُحْضَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِإِعَانَتِهِمْ فِي ظُنُونِهِمْ. وَفِي الْخَبَرِ: إِنَّهُ يُمَثَّلُ لِكُلِّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَتْبَعُونَهُ إِلَى النَّارِ، فَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ قُلْتُ: وَمَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ أَلَا لِيَتْبَعْ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا كَانَ يَعْبُدُ فَيُمَثَّلُ لِصَاحِبِ الصَّلِيبِ صَلِيبُهُ وَلِصَاحِبِ التَّصَاوِيرِ تَصَاوِيرُهُ وَلِصَاحِبِ النَّارِ نَارُهُ فَيَتَّبِعُونَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ وَيَبْقَى الْمُسْلِمُونَ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. "فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ" هَذِهِ اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ يُحْزِنُكَ. وَالْمُرَادُ تَسْلِيَةُ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَيْ لَا يَحْزُنْكَ قولهم شاعر ساحر. وتم الكلام تم استأنف فقال: "إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ" مِنَ القول والعمل وما يظهرون فنجازيهم بذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب