الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ هَذَا وَعْظٌ لِلْمُكَذِّبِينَ لِلرَّسُولِ بَعْدَ إِيضَاحِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ: إِنَّ الْبَعْثَ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ حق. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: غُرُورُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنْ يَشْتَغِلَ الْإِنْسَانُ بِنَعِيمِهَا وَلَذَّاتِهَا عَنْ عَمَلِ الآخرة، حتى يقول: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَأَبُو حَاتِمٍ: "الْغَرُورُ" الشَّيْطَانُ. وَغَرُورٌ جَمْعُ غَرٍّ، وَغَرٌّ مَصْدَرٌ. وَيَكُونُ "الْغَرُورُ" مَصْدَرًا وَهُوَ بَعِيدٌ عِنْدَ غَيْرِ أَبِي إِسْحَاقَ، لِأَنَّ "غَرَرْتُهُ" مُتَعَدٍّ، وَالْمَصْدَرُ الْمُتَعَدِّي إِنَّمَا هُوَ عَلَى فَعْلٍ، نَحْوُ: ضَرَبْتُهُ ضَرْبًا، إِلَّا فِي أَشْيَاءَ يَسِيرَةٍ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، قَالُوا: لَزِمْتُهُ لُزُومًا، وَنَهَكَهُ الْمَرَضُ نُهُوكًا. فَأَمَّا مَعْنَى الْحَرْفِ فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ مَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: الْغُرُورُ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي ثُمَّ يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الْمَغْفِرَةَ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ "الْغَرُورُ" (بِفَتْحِ الْغَيْنِ) وَهُوَ الشَّيْطَانُ، أَيْ لَا يَغُرَّنَّكُمْ بِوَسَاوِسِهِ فِي أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ عَنْكُمْ لِفَضْلِكُمْ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَأَبُو المال العدوي ومحمد بن المقع "الْغُرُورُ" (بِرَفْعِ الْغَيْنِ) وَهُوَ الْبَاطِلُ، أَيْ لَا يَغُرَّنَّكُمُ الْبَاطِلُ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: وَالْغُرُورُ (بِالضَّمِّ) مَا اغْتُرَّ بِهِ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْغُرُورُ جَمْعَ غَارٍّ، مِثْلُ قَاعِدٍ وَقُعُودٍ. النَّحَّاسُ: أَوْ جَمْعَ غَرٍّ، أَوْ يُشَبَّهُ بِقَوْلِهِمْ: نَهَكَهُ الْمَرَضُ نُهُوكًا وَلَزِمَهُ لُزُومًا. الزَّمَخْشَرِيُّ: أَوْ مَصْدَرَ "غَرَّهُ" كَاللُّزُومِ وَالنُّهُوكِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب