الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ﴾ قِيلَ: الْمُرَادُ أَهْلُ مَكَّةَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِكُفَّارِ مَكَّةَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ أَبَدًا وَلَا نُبْعَثُ. فَقَالَ اللَّهُ: "قُلْ" يَا مُحَمَّدُ "بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ" وَرَوَى هَارُونُ عَنْ طَلْقٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَنَا يَقْرَءُونَ "قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَيَأْتِيَنَّكُمْ" بِيَاءٍ، حَمَلُوهُ عَلَى الْمَعْنَى، كَأَنَّهُ قَالَ: لَيَأْتِيَنَّكُمُ الْبَعْثُ أو أمره. كما قال:﴿لْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ﴾[[راجع ج ١٠ ص ١٠٢.]] [الانعام: ١٥٨]. فَهَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ مُقِرُّونَ بِالِابْتِدَاءِ مُنْكِرُونَ الْإِعَادَةَ، وَهُوَ نَقْضٌ لِمَا اعْتَرَفُوا بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْبَعْثِ، وَقَالُوا: وَإِنْ قَدَرَ لَا يَفْعَلُ. فَهَذَا تَحَكُّمٌ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ أَنَّهُ يَبْعَثُ الْخَلْقَ، وَإِذَا وَرَدَ الْخَبَرُ بِشَيْءٍ وَهُوَ مُمْكِنٌ فِي الْفِعْلِ مَقْدُورٌ، فَتَكْذِيبُ مَنْ وَجَبَ صِدْقُهُ مُحَالٌ. (عَالِمُ الْغَيْبِ) بِالرَّفْعِ قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَخَبَرُهُ (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ) وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو "عالِمِ" بِالْخَفْضِ، أَيِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَالِمِ، فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لَا يَحْسُنُ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: "لَتَأْتِيَنَّكُمْ". وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "عَلَّامِ الْغَيْبِ" عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالنَّعْتِ. (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ) أَيْ لَا يَغِيبُ عَنْهُ، "وَيَعْزِبُ" أَيْضًا. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْكَسْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ. النَّحَّاسُ: وَهِيَ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، وَهِيَ لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ. يُقَالُ: عَزَبَ يَعْزُبُ وَيَعْزِبُ إِذَا بَعُدَ وَغَابَ. (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) أَيْ قَدْرُ نَمْلَةٍ صَغِيرَةٍ. (فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) وَفِي قِرَاءَةِ الْأَعْمَشِ "وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ" بِالْفَتْحِ فيهما عطفا على "ذَرَّةٍ". وقراء العامة بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى "مِثْقالُ". (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) فَهُوَ الْعَالِمُ بِمَا خَلَقَ وَلَا يَخْفَى عليه شي. (لِيَجْزِيَ) مَنْصُوبٌ بِلَامٍ كَيْ، وَالتَّقْدِيرُ: لَتَأْتِيَنَّكُمْ لِيَجْزِيَ. (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بِالثَّوَابِ، وَالْكَافِرِينَ بِالْعِقَابِ. (أُولئِكَ) يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ. (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لِذُنُوبِهِمْ. (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) وهو الجنة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب