الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا نَزَلَ ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٦] قَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ: هَذَا لَكَ يَا رَسُولَ الله خاصة، وليس لنا فيه شي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ. قُلْتُ: وَهَذِهِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَكْبَرِ النِّعَمِ، وَدَلِيلٌ عَلَى فَضْلِهَا [[في ا، ج، ش: (فضيلتها).]] عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ. وَقَدْ قَالَ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾[[راجع ج ٤ ص (١٧٠)]] [آل عمران: ١١٠]. وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ هِيَ رَحْمَتُهُ لَهُ وَبَرَكَتُهُ لَدَيْهِ. وَصَلَاةُ الْمَلَائِكَةِ: دُعَاؤُهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَاسْتِغْفَارُهُمْ لَهُمْ، كَمَا قَالَ: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾[[راجع ج ١٥ ص ٢٩٣ فما بعد.]] [غافر: ٧] وَسَيَأْتِي. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا موسى عليه السلام: أيصلي ربك عز وجل؟ فأعظم ذلك، فأوحى الله عز وجل: "إِنَّ صَلَاتِي بِأَنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي" ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَرَوَتْ فِرْقَةٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ صَلَاةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ. قَالَ: (سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ- رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي). وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلٍ هَذَا الْقَوْلِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ كَلِمَةٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ صَلَاتُهُ عَلَى عِبَادِهِ. وَقِيلَ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ مِنْ كَلَامِ [[في ا، ج: ش: (كلام) من كلام.]] مُحَمَّدٍ ﷺ وَقَدَّمَهُ بَيْنَ يَدَيْ نُطْقِهِ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ صَلَاةُ اللَّهِ وَهُوَ (رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي) مِنْ حَيْثُ فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّهُ تَوَهَّمَ فِي صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَجْهًا لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقَدَّمَ التَّنْزِيهَ وَالتَّعْظِيمَ بَيْنَ يَدَيْ إِخْبَارِهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ﴾ أَيْ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى. وَمَعْنَى هَذَا التَّثْبِيتُ عَلَى الْهِدَايَةِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا في وقت الخطاب على الهداية. ثم أخبر تعالى برحمته بالمؤمنين تأنيسا لهم فقال: (وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً).
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب