الباحث القرآني

فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ: كَانَ نَاسٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُمُ النَّبِيُّونَ يَدْعُونَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَتَلُوهُمْ، فَقَامَ أُنَاسٌ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَمَرُوهُمْ [[في ز: يأمرونهم.]] بِالْإِسْلَامِ فَقَتَلُوهُمْ، فَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ أَبِي مسكين: كانت الأنبياء صلوات الله عليهم تجئ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرِ كِتَابٍ فَيَقْتُلُونَهُمْ، فَيَقُومُ قَوْمٌ مِمَّنِ اتَّبَعَهُمْ فَيَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ، أَيْ بِالْعَدْلِ، فَيُقْتَلُونَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ، بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ لَا يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، بِئْسَ الْقَوْمُ قَوْمٌ يَمْشِي الْمُؤْمِنُ بَيْنَهُمْ بِالتَّقِيَّةِ" وَرَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: (قَتَلَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَامَ مِائَةُ رَجُلٍ وَاثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ فَقُتِلُوا جَمِيعًا فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنْ ذلك اليوم وهو الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (. ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَغَيْرُهُ. وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَقْتُلُ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ نَبِيًّا ثُمَّ تَقُومُ سُوقُ بَقْلِهِمْ مِنْ آخِرِ. النَّهَارِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: الَّذِينَ وُعِظُوا بِهَذَا لَمْ يَقْتُلُوا نَبِيًّا. فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّهُمْ رَضُوا فِعْلَ مَنْ قَتَلَ فَكَانُوا بِمَنْزِلَتِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ قَاتَلُوا النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ وَهَمُّوا بِقَتْلِهِمْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ" [[راجع ج ٧ ص ٣٩٧.]]: الثَّانِيَةُ- دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنَ الْمُنْكَرِ كَانَ وَاجِبًا فِي الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ فَائِدَةُ الرِّسَالَةِ وَخِلَافَةُ النُّبُوَّةِ. قَالَ الْحَسَنُ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: (مَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَهُوَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَخَلِيفَةُ رَسُولِهِ وَخَلِيفَةُ كِتَابِهِ). وَعَنْ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي لَهَبٍ قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: مَنْ خَيْرُ النَّاسِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (آمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ وَأَوْصَلُهُمْ لِرَحِمِهِ). وَفِي التَّنْزِيلِ: "الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ" ثُمَّ قَالَ: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" [[راجع ج ٨ ص ١٩٩ وص ٢٠٢.]]. فَجَعَلَ تَعَالَى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ أَخَصَّ أَوْصَافِ الْمُؤْمِنِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَرَأْسُهَا الدُّعَاءُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْقِتَالُ عَلَيْهِ. ثُمَّ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يَلِيقُ بِكُلِّ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا يَقُومُ بِهِ السُّلْطَانُ إِذْ كَانَتْ إِقَامَةُ الْحُدُودِ إِلَيْهِ، وَالتَّعْزِيزُ إِلَى رَأْيِهِ، وَالْحَبْسُ وَالْإِطْلَاقُ لَهُ، وَالنَّفْيُ وَالتَّغْرِيبُ، فَيَنْصِبُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ رَجُلًا صَالِحًا قَوِيًّا عَالِمًا أَمِينًا وَيَأْمُرُهُ بِذَلِكَ، وَيُمْضِي الْحُدُودَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ" [[راجع ج ١٢ ص ٧٢.]]. الثَّالِثَةُ- وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ النَّاهِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ، خِلَافًا لِلْمُبْتَدِعَةِ حَيْثُ تَقُولُ: لَا يُغَيِّرُهُ إِلَّا عَدْلٌ. وَهَذَا سَاقِطٌ، فَإِنَّ الْعَدَالَةَ مَحْصُورَةٌ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَلْقِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النَّاسِ. فَإِنْ تَشَبَّثُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ" [[راجع ج ١ ص ٣٦٤.]] وَقَوْلِهِ: "كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ" [[ج ١٨ ص ٨١.]] وَنَحْوِهِ، قِيلَ لَهُمْ: إِنَّمَا وقع الذم ها هنا عَلَى ارْتِكَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ لَا عَلَى نهيه عن المنكر. ولا شك فِي أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ مِمَّنْ يَأْتِيهِ أَقْبَحُ مِمَّنْ لَا يَأْتِيهِ، وَلِذَلِكَ يَدُورُ فِي جَهَنَّمَ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْبَقَرَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ" [[راجع ج ١ ص ٢٦٥.]]. الرَّابِعَةُ- أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْمُنْكَرَ وَاجِبٌ تَغْيِيرُهُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَلْحَقْهُ بِتَغْيِيرِهِ إِلَّا اللَّوْمُ الَّذِي لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْأَذَى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَغْيِيرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يقدر فيقلبه لَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. وَإِذَا أَنْكَرَ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ سِوَى ذَلِكَ. قَالَ: وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي تَأْكِيدِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَلَكِنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ. قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا يُكَلَّمُ مُؤْمِنٌ يُرْجَى أَوْ جَاهِلٌ يُعَلَّمُ، فَأَمَّا مَنْ وَضَعَ سَيْفَهُ أَوْ سَوْطَهُ فَقَالَ: اتَّقِنِي اتَّقِنِي فَمَا لَكَ وَلَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: بِحَسْبِ الْمَرْءِ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا لَا يَسْتَطِيعُ تَغْيِيرَهُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ كَارِهٌ. وَرَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا إِذْلَالُهُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: (يَتَعَرَّضُ مِنَ الْبَلَاءِ لِمَا لَا يَقُومُ لَهُ). قُلْتُ: وَخَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جُنْدَبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَكِلَاهُمَا قَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا لَا يَسْتَطِيعُ النَّكِيرَ عَلَيْهِ فَلْيَقُلْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا مُنْكَرٌ" فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ، وَزَعَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ مَنْ رَجَا زَوَالَهُ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ تَغْيِيرِهِ الضَّرْبَ أَوِ الْقَتْلَ جَازَ لَهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ الِاقْتِحَامُ عِنْدَ هَذَا الْغَرَرِ [[الغرر: الخطر. المصباح.]]، وَإِنْ لَمْ يَرْجُ زَوَالَهُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ عِنْدَهُ. قَالَ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنَّ النِّيَّةَ إِذَا خَلَصَتْ فَلْيَقْتَحِمْ كَيْفَ مَا كَانَ وَلَا يُبَالِي. قُلْتُ: هَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْإِجْمَاعِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ خَوْفِ الْقَتْلِ. وَقَالَ تَعَالَى: "وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى مَا أَصابَكَ" [[راجع ج ١٤ ص ٦٨.]]. وهذا إشارة إلى الاذاية. الْخَامِسَةُ- رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ). قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ بِالْيَدِ عَلَى الْأُمَرَاءِ، وَبِاللِّسَانِ عَلَى الْعُلَمَاءِ، وَبِالْقَلْبِ عَلَى الضُّعَفَاءِ، يَعْنِي عَوَامَّ النَّاسِ. فَالْمُنْكَرُ إِذَا أَمْكَنَتْ إِزَالَتُهُ بِاللِّسَانِ لِلنَّاهِي فَلْيَفْعَلْهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إِلَّا بِالْعُقُوبَةِ أَوْ بِالْقَتْلِ فَلْيَفْعَلْ، فَإِنْ زَالَ بِدُونِ الْقَتْلِ لَمْ يَجُزِ الْقَتْلُ، وَهَذَا تُلُقِّيَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: "فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ" [[راجع ج ١٦ ص ٣١٩.]]. وَعَلَيْهِ بَنَى الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ إِذَا دَفَعَ الصَّائِلَ [[في ذ: القاتل.]] عَلَى النَّفْسِ أَوْ عَلَى الْمَالِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ مَالِهِ أَوْ نفس غيره فله ذلك ولا شي عَلَيْهِ. وَلَوْ رَأَى زَيْدٌ عَمْرًا وَقَدْ قَصَدَ مَالَ بَكْرٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَالِ قَادِرًا عَلَيْهِ وَلَا رَاضِيًا بِهِ، حَتَّى لَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَوْ فَرَضْنَا [[بياض في أكثر الأصول. الزيادة من دوب: يعنى: لو فرضنا أن دفع الجاني أدى موته فأخذ فيه بالقود فلا عليه لأنه ناج عند الله. والله أعلم.]] [قَوَدًا]. وَقِيلَ: كُلُّ بَلْدَةٍ يَكُونُ فِيهَا أَرْبَعَةٌ فَأَهْلُهَا مَعْصُومُونَ مِنَ الْبَلَاءِ: إِمَامٌ عَادِلٌ لَا يَظْلِمُ، وَعَالِمٌ عَلَى سَبِيلِ الْهُدَى، وَمَشَايِخُ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحَرِّضُونَ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ، وَنِسَاؤُهُمْ مَسْتُورَاتٌ لَا يَتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى. السَّادِسَةُ- رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى نَتْرُكُ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: (إِذَا ظَهَرَ فِيكُمْ مَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ). قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا ظَهَرَ فِي الْأُمَمِ قَبْلَنَا؟ قَالَ: (الْمُلْكُ فِي صِغَارِكُمْ وَالْفَاحِشَةُ فِي كِبَارِكُمْ وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ). قَالَ زَيْدٌ: تَفْسِيرُ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ (وَالْعِلْمُ فِي رُذَالَتِكُمْ) إِذَا كَانَ الْعِلْمُ فِي الْفُسَّاقِ. خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَسَيَأْتِي لِهَذَا الْبَابِ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي "الْمَائِدَةِ" [[راجع ج ٦ ص ٢٥٣.]] وَغَيْرِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى "فَبَشِّرْهُمْ" و "حَبِطَتْ" في البقرة [[راجع ج ١ ص ٢٣٨ وج ٣ ص ٤٨.]] فلا معنى للإعادة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب