الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ﴾ يُرِيدُ بِتَرْكِ الْغُلُولِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْجِهَادِ. (كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ) يُرِيدُ بِكُفْرٍ أَوْ غُلُولٍ أَوْ تَوَلٍّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْحَرْبِ. (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ) أَيْ مَثْوَاهُ النار، أي إن لم يتب أو يعفو الله عنه. (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي المرجع. وقرى رضوان بكسر الراء وضمها كالعدوان [والعدوان] [[في هـ وج ود.]]. ثم قال تعالى: (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ) أَيْ لَيْسَ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْهُ. قيل: "هُمْ دَرَجاتٌ" متفاوتة، أي هم مختلفوا المنازل عند الله، فلمن ابتغى رِضْوَانَهُ الْكَرَامَةُ وَالثَّوَابُ الْعَظِيمُ، وَلِمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْهُ الْمَهَانَةُ وَالْعَذَابُ الْأَلِيمُ. وَمَعْنَى "هُمْ دَرَجاتٌ"- أَيْ ذَوُو دَرَجَاتٍ. أَوْ عَلَى دَرَجَاتٍ، أَوْ فِي دَرَجَاتٍ، أَوْ لَهُمْ دَرَجَاتٌ. وَأَهْلُ النَّارِ أَيْضًا ذَوُو دَرَجَاتٍ، كَمَا قَالَ: (وَجَدْتُهُ فِي غَمَرَاتٍ مِنَ النَّارِ فَأَخْرَجْتُهُ إِلَى ضَحْضَاحٍ) [[الضحضاح: مارق من الماء على وجه الأرض ولا يبلغ الكعبين، فاستعارة للنار.]]. فَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ لَا يَسْتَوِيَانِ فِي الدَّرَجَةِ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُونَ يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا، فَبَعْضُهُمْ أَرْفَعُ دَرَجَةً مِنْ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الْكُفَّارُ. وَالدَّرَجَةُ الرُّتْبَةُ، وَمِنْهُ الدَّرَجِ، لِأَنَّهُ يُطْوَى رُتْبَةً بَعْدَ رُتْبَةٍ. وَالْأَشْهَرُ فِي مَنَازِلَ جَهَنَّمَ دَرَكَاتٌ، كَمَا قَالَ: ﴿إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: ١٤٥] [[راجع ج ٥ ص ١٢٤.]] فَلِمَنْ لَمْ يَغُلَّ دَرَجَاتٌ فِي الْجَنَّةِ، وَلِمَنْ غَلَّ دَرَكَاتٌ فِي النَّارِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: جَهَنَّمُ أَدْرَاكٌ، أَيْ مَنَازِلٌ، يُقَالُ لِكُلِّ مَنْزِلٍ مِنْهَا: دَرَكٌ وَدَرْكٌ. وَالدَّرْكُ إِلَى أَسْفَلَ، وَالدَّرَجُ إلى أعلى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب