الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ﴾ الْهَاءُ لِلْمَدَدِ، وَهُوَ الْمَلَائِكَةُ أَوِ الْوَعْدُ أَوِ الْإِمْدَادُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ "يُمْدِدْكُمْ" أَوْ لِلتَّسْوِيمِ أَوْ لِلْإِنْزَالِ أَوِ الْعَدَدِ عَلَى الْمَعْنَى، لِأَنَّ خَمْسَةَ آلَافٍ عَدَدٌ. (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) اللَّامُ لَامُ كَيْ، أَيْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ جَعَلَهُ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً﴾ [فصلت: ١٢] [[راجع ج ١٥ ص ٣٤٥.]] أَيْ وَحِفْظًا لَهَا جَعَلَ ذَلِكَ. (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) يَعْنِي نَصْرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ نَصْرُ الْكَافِرِينَ، لِأَنَّ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ غَلَبَةٍ إِنَّمَا هُوَ إِمْلَاءٌ مَحْفُوفٌ بِخِذْلَانٍ وَسُوءِ عَاقِبَةٍ وَخُسْرَانٍ. (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أَيْ بِالْقَتْلِ. وَنَظْمُ الْآيَةِ: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ لِيَقْطَعَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَقْطَعَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِ "يُمْدِدْكُمْ"، أَيْ يُمْدِدُكُمْ لِيَقْطَعَ. وَالْمَعْنَى: مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. السُّدِّيُّ: يَعْنِي بِهِ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ أُحُدٍ وَكَانُوا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا. وَمَعْنَى (يَكْبِتَهُمْ) يُحْزِنُهُمْ، وَالْمَكْبُوتُ الْمَحْزُونُ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَ إِلَى أَبِي طَلْحَةَ فَرَأَى ابْنَهُ مَكْبُوتًا فَقَالَ: (مَا شَأْنُهُ)؟. فَقِيلَ: مَاتَ بَعِيرُهُ. وَأَصْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ "يَكْبِدُهُمْ" أَيْ يُصِيبُهُمْ بِالْحُزْنِ وَالْغَيْظِ فِي أَكْبَادِهِمْ، فَأُبْدِلَتِ الدَّالُّ تَاءً، كَمَا قُلِبَتْ فِي سَبَتَ رَأْسَهُ وَسَبَدَهُ أَيْ حَلَقَهُ. كَبَتَ اللَّهُ الْعَدُوَّ كَبْتًا إِذَا [[في ب: أي صرفه.]] صَرَفَهُ وَأَذَلَّهُ، كَبَدَهُ، أَصَابَهُ فِي كَبِدِهِ، يُقَالُ: قَدْ أَحْرَقَ الْحُزْنُ كَبِدَهُ، وَأَحْرَقَتِ الْعَدَاوَةُ كَبِدَهُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ لِلْعَدُوِّ: أَسْوَدُ الْكَبِدِ، قَالَ الْأَعْشَى: فَمَا أَجْشَمْتِ [[أجشمت: كلفت على مشقة.]] مِنْ إِتْيَانِ قَوْمٍ ... هُمُ الْأَعْدَاءُ وَالْأَكْبَادُ سُودُ كَأَنَّ الْأَكْبَادَ لَمَّا احْتَرَقَتْ بِشِدَّةِ الْعَدَاوَةِ اسْوَدَّتْ. وَقَرَأَ أَبُو مِجْلَزٍ "أَوْ يَكْبِدَهُمْ" بِالدَّالِ. وَالْخَائِبُ: الْمُنْقَطِعُ الْأَمَلِ. خَابَ يَخِيبُ إِذَا لَمْ يَنَلْ مَا طَلَبَ. والخياب: القدح لا يوري.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب