قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ [[راجع ص ٤٦.]]. وَ "مِنْ" فِي قَوْلِهِ "مِنْكُمْ" لِلتَّبْعِيضِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْآمِرِينَ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ عُلَمَاءَ. وَقِيلَ: لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَالْمَعْنَى لِتَكُونُوا كُلُّكُمْ كذلك. قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَقَدْ عَيَّنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ﴾ [الحج: ٤١] [[راجع ج ١٢ ص ٧٢.]] الْآيَةَ. وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ مُكِّنُوا. وَقَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللَّهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفْسِيرٌ مِنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَلَامٌ مِنْ كَلَامِهِ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ النَّاقِلِينَ [[في هـ: الغافلين.]] فَأَلْحَقَهُ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا أَصِفُ الْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنِيهِ أَبِي حَدَّثَنَا [حَسَنُ] [[في ب، د، هـ وفيها: أبي عوف.]] بْنُ عَرَفَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ عَنْ أَبِي عَوْنٍ»
عَنْ صُبَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقْرَأُ "وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيَسْتَعِينُونَ اللَّهَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ" فَمَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنَّ عُثْمَانَ لَا يَعْتَقِدُ [[في ب، د، هـ: لا يعتد.]] هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، إِذْ لَمْ يَكْتُبْهَا فِي مُصْحَفِهِ الَّذِي هُوَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا وَاعِظًا بِهَا وَمُؤَكِّدًا مَا تَقَدَّمَهَا مِنْ كلام رب العالمين جل وعلا.
{"ayah":"وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةࣱ یَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَیۡرِ وَیَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"}