الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً﴾ أَيْ مِنَ السَّحَابِ مَطَرًا. (فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) أَيْ جَدْبِهَا وَقَحْطِ أَهْلِهَا. (لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) أَيْ فَإِذَا أَقْرَرْتُمْ بِذَلِكَ فَلِمَ تُشْرِكُونَ بِهِ وَتُنْكِرُونَ الْإِعَادَةَ. وَإِذْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى إِغْنَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، فَكُرِّرَ تَأْكِيدًا. (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) أَيْ عَلَى مَا أَوْضَحَ مِنَ الْحُجَجِ والبراهين على قدرته. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) أي لا يتدبرون هذه الحجج. وَقِيلَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ" عَلَى إِقْرَارِهِمْ بِذَلِكَ. وَقِيلَ: عَلَى إِنْزَالِ الْمَاءِ وَإِحْيَاءِ الْأَرْضِ. (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) أي شي يُلْهَى بِهِ وَيُلْعَبُ أَيْ لَيْسَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ الْأَغْنِيَاءَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ يَضْمَحِلُّ وَيَزُولُ، كَاللَّعِبِ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَلَا ثَبَاتَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الدُّنْيَا إِنْ بَقِيَتْ لَكَ لَمْ تَبْقَ لَهَا. وَأَنْشَدَ: تَرُوحُ لَنَا الدُّنْيَا بِغَيْرِ الَّذِي غَدَتْ ... وَتَحْدُثُ مِنْ بَعْدِ الْأُمُورِ أُمُورُ وَتَجْرِي اللَّيَالِي بِاجْتِمَاعٍ وَفُرْقَةٍ ... وَتَطْلُعُ فِيهَا أَنْجُمٌ وَتَغُورُ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الدَّهْرَ بَاقٍ سُرُورُهُ ... فَذَاكَ مُحَالٌ لَا يَدُومُ سُرُورُ عَفَا اللَّهُ عَمَّنْ صَيَّرَ الْهَمَّ وَاحِدًا ... وَأَيْقَنَ أَنَّ الدَّائِرَاتِ تَدُورُ قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا مِنَ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَالْمَلْبَسِ الزَّائِدِ عَلَى الضَّرُورِيِّ الَّذِي بِهِ قِوَامُ الْعَيْشِ، وَالْقُوَّةُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ فَهُوَ مِنَ الْآخِرَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى كَمَا قَالَ: "وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ" أَيْ مَا ابْتُغِيَ بِهِ ثَوَابُهُ وَرِضَاهُ. (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) أَيْ دَارُ الْحَيَاةِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَا تَزُولُ وَلَا مَوْتَ فِيهَا. وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَنَّ الْحَيَوَانَ وَالْحَيَاةَ وَالْحِيِّ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَاحِدٌ. كَمَا قَالَ [[البيت للعجاج وتمامه: وإذ زمان الناس دغفلي]]: وَقَدْ تَرَى إِذِ الْحَيَاةُ حِيُّ وَغَيْرُهُ يَقُولُ: إِنَّ الْحِيَّ جُمِعَ عَلَى فِعِوْلٍ مِثْلَ عِصِيٍّ. وَالْحَيَوَانُ يَقَعُ عَلَى كل شي حي. وحيوان عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: أَصْلُ حَيَوَانٍ حَيَيَانٍ فَأُبْدِلَتْ إِحْدَاهُمَا وَاوًا، لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ. (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) أنها كذلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب